كرم الرسول صلى الله عليه وسلم

الحمد
لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات
أعمالنا

من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله

تحية
طيبة وبعدالإسلام دين يقوم على الكرم والعطاء؛ لذلك وصف الله تعالى
الرسول صلى الله عليه وسلم

بالكرم والجود، فقال تعالى: {
إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ
قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ }

بالكرم دون غيره من أخلاقه العظيمة؛
لأن كل تلك الأخلاق مندرجة فيه، فأخلاقه

كلها عظيمة كريمة، قائمة
على الكرم والبذل والسخاء، وهو ما كان معروفًا به من

قبل أن يأتيه
وحي السماء.

ها هي ذي خديجة -رضي الله عنها- تصف كرم رسول الله

إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ [1] ، وَتُكْسِبُ
الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ "
[2] .

فهذه الأخلاق كلها ناشئة عن بالغ الكرم وعظيم الجود؛ إذ هي
كلها تعني البذل والعطاء.

كما وصف عبد الله بن عباس -رضي الله
عنهما- كرم رسول الله أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان

َجْوَدَ
النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ
جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ

رَمَضَانَ،
فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ

أَجْوَدُ
بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ " [3] .

فكان جوده وكرمه
سببًا من أسباب إسلام الكثيرين؛ لأنه صلى الله عليه وسلم

كان
يُعطي عطاء مَنْ لا يخشى الفقر، فعن أنس قال

" مَا سُئِلَ رَسُولُ
اللَّهِ عَلَى الإِسْلاَمِ شَيْئًا إِلاَّ أَعْطَاهُ. قَالَ: فَجَاءَهُ
رَجُلٌ فَأَعْطَاهُ غَنَمًا بَيْنَ جَبَلَيْنِ،

فَرَجَعَ إِلَى
قَوْمِهِ، فَقَالَ: يَا قَوْمِ، أَسْلِمُوا؛ فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي
عَطَاءً لاَ يَخْشَى الْفَاقَةَ " [10] .

فالرسول صلى الله
عليه وسلم كان يعلم جيدا ان المال وسيلة وليس غاية فإستخدمه في تأليف

قلوب
زعماء مكة فلم يكتنز هذه الاموال لنفسه

الدكتور :راغب
السرجاني

[1] الكَلّ: هو مَنْ لا يستقلّ بأمره، أي تحمل
الثِّقْل من كل ما يُتكلَّف، انظر: ابن حجر العسقلاني: فتح الباري 1/24،
وابن منظور: لسان العرب، مادة كلل 11/590.

[2] البخاري: بدء الوحي،
باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله r (3)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب بدء
الوحي إلى رسول الله r (160).

[3] البخاري: بدء الوحي، باب كيف كان
بدء الوحي إلى رسول

[4] مسلم: كتاب الفضائل، باب ما سئل رسول