الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" إنكم اليوم في زمان كثير علماؤه قليل خطباؤه من ترك عشر ما يعرف فقد هوى ، ويأتي من بعد زمان كثير خطباؤه قليل علماؤه من استمسك بعشر ما يعرف فقد نجا "
أخرجه الهروي في " ذم الكلام " ( 1 / 14 - 15 ) من طريقين عن محمد بن طفر بن منصور حدثنا محمد بن معاذ حدثنا علي بن خشرم حدثنا عيسى بن يونس عن الحجاج بنأبي زياد عن أبي الصديق أو أبي نضرة - شك الحجاج - عن أبي ذر مرفوعا به ( مستفاد من الصحيحة )
وقال البخاري في التاريخ 2819 - حجاج بن أبي زياد الأسود قال إبراهيم بن موسى أخبرنا عيسى بن يونس سمع الحجاج بن أبي زياد الأسود قال حدثني أبو نضرة أو أبو الصديق الناجي شك الحجاج عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال إنكم اليوم في زمان كثير علماؤه قليل خطباؤه وقال إسحاق حدثنا المؤمل سمع حماد بن سلمة سمع حجاج الأسود يحدث ثابتا عن أبي الصديق عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال إنكم في زمان من ترك نحوه
ورواه أحمد في " المسند " ( 5 / 155 ) : حدثنا مؤمل :حدثنا حماد : حدثنا حجاج الأسود - قال مؤمل : و كان رجلا صالحا - قال : سمعت أبا الصديق يحدث ثابتاً البناني عن رجل عن أبي ذر به . قلت : فزاد أحمد في إسناده : " عن رجل " ، فأفسده
وقد نازع بعض الأفاضل في ثبوت وجود الرجل المبهم في السند ، لأن مؤملاً سيء الحفظ
غير أن العلة في الخبر والله أعلم ، شبهة الإنقطاع القوية بين أبي الصديق الناجي وأبي نضرة وبين أبي ذر
وذلك أن أبا ذر قد تقدمت وفاته فقد توفي عام 32 ولا نعلم متى ولد أبو نضرة أو أبو الصديق الناجي
فأبو الصديق الناجي توفي عام 108 وأبو نضرة توفي عام 109
فبين وفاة أبي ذر ووفاتيهما 76 أو 77 عاماً وهذا فارق زمني كبير يقوي شبهة الإنقطاع
ومما يقوي شبهة الإنقطاع ما جاء في ترجمة أبي نضرة من قول المزي في تهذيب الكمال :" أدرك طلحة " ، وهذا يعني أن أكبر صحابي أدركه طلحة وطلحة توفي عام 36 فوفاته متأخرة عن وفاة أبي ذر فأبو نضرة لم يدرك أبا ذر جزماً
وجميع الصحابة الذين روى عنهم أبو الصديق الناجي قد تأخرت وفاتهم ، ومما يقوي شبهة الإنقطاع أيضاً أن أبا صالح السمان نص أبو زرعة على أنه لم يدرك أبا ذر
وأبو صالح السمان أقدم وفاةً من أبي نضرة وأبي الصديق فقد توفي عام 101 ، مما يقوي دعوى أنه أقدم ميلاداً منهما وهو مدني وكلاهما بصري وأبو ذر مات في الربذة بالمدينة فهو أولى بإدراكه منهما والله أعلم
وعليه فإن الحديث في ثبوته نظر والله أعلم
تنبيه : الكلام هنا على هذا اللفظ بتمامه فلا يورد علينا أن لبعض فقرات الحديث شواهد
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم