8 ربيع أول 362 هـ
المكان: القاهرة ـ مصر.
الموضوع: الاحتفال لأول مرة بالمولد النبوي في عهد المعز الفاطمي.
الأحداث:
لما واجه الفاطميون صعوبات عديدة في بلاد المغرب، وكثر عليهم الثوار والخارجون، أراد خلفاء الدولة الفاطمية البحث لهم عن مكان جديد يكون موطئ قدم لعرش وكرسي دولتهم، وكانت أنسب الأماكن المرشحة لذلك هي "مصر"، لما كان لها من مكان متميز وسابقة في الإسلام، وأيضًا لوجود اضطرابات داخلية فيها وفي الدولة العباسية ككل، وبالفعل استطاع جوهر الصقلي قائد جيوش المعز الفاطمي أن يدخل مصر في شعبان سنة 357هـ، واستمر لمدة أربعة سنوات يشيد مدينة "القاهرة" ودخل المعز القاهرة في شعبان سنة 361هـ.
- كان المعز الفاطمي شخصية شديدة الذكاء، أدرك أن عليه مهمة صعبة في أرض مصر لاختلاف العقائد، فأهل مصر سُنّة، لا مكان بينهم للشيعة أو الباطنية أو الإسماعيلية، وأدرك المعز أنه سوف يلاقي صعوبات جمة، ففكر في وسيلة يستميل بها قلوب العامة وأهل مصر حتى يروج أمره عليهم، فرأى أن أقرب السبل للوصول لرضا أهل مصر هو عمل شيء يدل على الولاء للنبي صلى الله عليه وسلم وآل البيت، لما كان عند أهل مصر من ميل لهم واعتقاد فيهم، فأحدث المعز الفاطمي بدعة الاحتفال بالمولد النبوي، وجعله مقدمًا على عيدي الفطر والأضحى! وأغدق فيه بالأموال والعطايا على الفقراء، وعلّق الزينات، وأقام الولائم، وسيّر المواكب العظيمة والجند الكثيرة بالأعلام والأبواق، فاستولى بتلك الاحتفالات والشعائر على قلوب العامة وفتنهم، وواكب تلك الاحتفالات وجود حالة من ا لقحط والجوع عند أهل مصر؛ فاستفادوا مما يوزع من هبات وصدقات وطعام وشراب، ووافقوا على هذه البدعة النكراء التي دخلت بلاد المسلمين على يد الفاطميين، وكان المعز يحتفل بالمولد أول الأمر في ثامن الشهر، ثم حدث خلاف على تعيين اليوم، فصار يقيمه سنة في الثامن، وسنة في الثاني عشر من ربيع أول.
- استمرت هذه البدعة قائمة في مصر في دولة الفاطميين لا تعرف إلا عندهم فقط، حتى تسربت في القرن السادس الهجري لأحد أمراء الدولة الأيوبية، وهو المظفر أبو سعيد بن زين الدين كوكبري صاحب مدينة أربل، وكان له آثار حسنة وأفعال طيبة، ولكنه كان له ميل شديد للصوفية، فاستطاع أحدهم أن يدخل عليه بدعة الاحتفال بالمولد النبوي، فاعتنى كوكبري بأمر المولد وبالغ في الاحتفال به، وكان يصنع طعامًا كثيرًا حتى إنه كان يمد سماطًا للطعام فيه خمسة آلاف رأس غنم مشوي، وعشرة آلاف دجاجة، وثلاثين ألف صحن حلوى، وكان ينفق على المولد في كل سنة ثلاثمائة ألف دينار، ولقد صنف له بعض المشايخ مجلدًا في فضل المولد النبوي، سماه: "التنوير في مولد البشير النذير"؛ فأعطاه كوكبري عليه ألف دينار. ومن مدينة أربل انتشر الاحتفال بالمولد النبوي لسائر بلاد المسلمين؛ لأن الناس ـ وخاصة الصوفية ـ كانوا يفدون على مدينة أربل من كل مكان ثم يعودون لبلادهم ليقيموا بها تلك الاحتفالات البدعية.
- مما سبق يتضح لنا أن الاحتفال بالمولد النبوي بدعة تمت عقب القرون الثلاثة الفاضلة؛ وأن أول من أحدثها هم الفاطميون، وعداوتهم للمسلمين معلومة معروفة، وأيضًا كان الدافع لعقد تلك الاحتفالات البدعية سياسيًا في المقام الأول لكسب ود أهل مصر.
- ما زالت تلك البدعة قائمة على أصولها تحتفل بها كثير من الدول المسلمة، وتبالغ بعض الأقليات المسلمة في الاحتفال به، ويجعلونه أفخم أعياد المسلمين كما يفعل ذلك مسلمو اليابان، وفي دولة مثل مالي تعطي الدولة أجازة رسمية من 1 ربيع حتى 12 ربيع أول بمناسبة الاحتفال بالمولد.
- أما عن حكم الاحتفال بالمولد النبوي فمعلوم البدعية، معروف الحكم الفقهي فيه، لا مجال هنا لسرد أقوال أهل العلم فيه.
اذا كنتم تريدون الاحتفال بالمولد النبوى فتبعوا سنة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم
رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يريد منا الاحتفال بمولده ولقد تركنا ما تركه لنا كتاب الله وسنته
لنرجع الى الله لنفرح رسولنا بنا