أحب أن أكون عطراً

أحبُّ أن أكون عطراً
دونما تحيّز لعشقي الأزليّ للعطور بأنواعها ...إلا أنني وان خُيّرت ما أكون
من الجمادات لتمنيت أن أحيا عطراً في الوجود, وتداعبني تلك الفكرة و تُغري
بها فلسفة روحي المحبة للخيال و للجمال العميق .
فكم من الأشخاص الذين يمرون بحياتنا ويتركون ذاك الأثر الذي لا يُنسى كأثر
العطر حين يمرّ عبيره بنا فيسحرنا ويحملنا لعوالم الجمال الراقي الذي تسمو
به الروح لترقى فتصبح مؤهلة للحب الإلهي المقدس.
وهم أنواع شأنهم بذلك شأن العطور, فمن العطر ما هو الغني والمفعم بالدفء, والهادئ, والساحر, وطويل الأثر و......
وأصحاب أؤلئك العطور بالمجمل تكون عطورهم قوية في البداية, تسيطر على كامل
حواسنا بقوة وبعد ذهابهم تصبح خفيفة رائعة تدغدغ ذاكرتها أرواحنا بنفس
القوة الأولى ,ولكن بطريقة مختلفة وكلٌّ حسب نوعه, ليبرمج هذا الأثر دوافع
لنا للعطاء .
وحينما تختفي, تأتي بقاياها لتنشّط الذاكرة لاسترجاع تلك الجمالية التي
كانت سيدة الموقف الذي لا يُنسى فتأخذنا لبحور الخيال وفضاءاته
النورانية,فتعيد إلينا أمل أننا منجزون .
يمرّ بحياتك أيضاً أشخاص تحسب حين تواجدك معهم ,أن أثقالاً تجسم على صدرك
تُحبس روحك ,وتتمنى لحظة مفارقتهم, وما أن يرحلوا حتى تبحث عن أول نافذة
نور لكي تتنفس الصعداء ,ريحهم موخزة, كأفعالهم وأثر أقوالهم.
إنَّ بصماتنا ..آثارنا ..أفعالنا هي عطورنا التي نبقيها بعدنا لغيرنا,وهذه
العطور هي نتاج كمّ كبير من الزهور الدافقة بالحبّ التي علينا البحث عنها
لاستنباط شذاها
وبقدر حسن الاختيار تتأتّى النتائج الطيبة,دمتم ودمنا عطوراً في رقاب الأيام وإن رحلنا .