موضوع: الزواج السوفي الأربعاء 29 ديسمبر 2010 - 23:32
الزواج السوفي
كان بناء الأسرة السوفية يقوم أولا بالزواج، وعندما يتكاثر الأولاد تستقل الأسرة في سكن مستقل لتكون نواة لعائلة جديدة تحت سيادة الزوج، ويمر الزواج بمراحل، أولها خطبة الشاب لزوجة المستقبل، إما برؤيتها عند الآبار، عند خروجها لملء قِرب الماء، فيقابلها ويجادلها، ويحدث هذا في المجتمعات البدوية، وفي بعض الأماكن العريقة كالزقم وقمار، وكانوا يسمونه "التغرزين" أو يتم اللقاء بطريقة أخرى وهي أن يلمح الشاب الفتاة في حفل زواج في الحي. ولكن بالرغم من هذا فإنه في أغلب الأحيان تتم الخطبة بين الأولياء دون علم أصحاب الشأن، بل هم آخر من يعلم ، وليس للفتى أو الفتاة حق الاعتراض على هذا الاختيار، وقد عرف قديما "التهريب" ويكون عند رغبة الشاب في فتاة ويرفض أهلها تزويجه إياها، فيلجأ الشاب إلى خطفها واللجوء بها إلى زاوية دينية أو أسرة أحد الوجهاء، فيضطر ولي الفتاة في أغلب الأحيان للاستسلام والموافقة على الزواج مخافة الفضيحة والعار. وقد يكون الزواج رغم بساطته مكلفا بالنسبة للفقراء، لأنه يحتاج إلى بذل المال أيام العرس، وقد يطول انتظار أهل الفتاة في فترة الخطوبة فيخافون على ابنتهم، ويطلبون من الرجل )الفقير) الإسراع في إتمام الزواج أو فسخ الخطوبة، وعند المماطلة واسترساله في التسويف يفسخونها بأنفسهم، وتُعطى الفتاة لشاب من أبناء عمومتها أو لرجل ميسور الحال، ولأنهم يخافون على بناتهم "البوار" (العنوسة) فإنهم يزوجونها في سن متقدمة عند البلوغ أو قبله بقليل في سن الحادية عشر، وقد يكون زوجها شابا أو كهلا يكبرها بمرحلة هامة من العمر وخاصة إذا كان تاجرا موسرا.
أما هدية العرس فكانت بسيطة تتمثل في بعض الألبسة أو الخضر والحيوانات أو بعض النقود ويختلف ذلك حسب المستوى المعيشي للزوج. والمهر قد يكون مالا أو مرفقا بأشياء أخرى غير المال، وليس هناك فرق كبير بين المرأة البكر أو الثيب، وقبل الزواج يتم حمل "قفة العُطرية" إلى بيت الزوجة، وتشمل إضافة إلى المواد الغذائية والخروف مواد العطرية التي تتزين بها الزوجة من خضاب (الحناء) والعطور والكحل والجوز (الزوز) لتجميل الفم، والفتول وهو مسحوق يخفف حدة زيت الشعر وتدهن بها البشرة لتصبح ناعمة، والبوش وهو الزيت الذي يدهن به الشعر ليصير ناعما به بريق، والجاوي وهو ومادة تضعها المرأة في ( البخارة( أو (المجمرة) الطينية لتطيب نفسها أو المكان ويدعى(بخورا)، كما تشمل أيضا بعض الألبسة مثل الحولي والملحفة والقميص الذي ترتديه ليلة الزفاف، إضافة إلى المجوهرات الفضية مثل الخلّة والخلخال والمقاوس والمْشرّف، كما يجلب البعض من ميسوري الحال)زوج ذهب) ويحمل لها صندوق صغير يدعى(ربعة)تضع فيه العطور والمجوهرات، وتتم مراسيم العقد أمام القاضي أو الجماعة ويتولى ذلك إمام المسجد، وحينئذ تبدأ أيام الأفراح ويدوم العرس مدة أسبوع كامل، وتحمل المرأة يوم "الرواح" فوق ظهر بغل بعد حلول الظلام وخصوصا في المدينة، ونهارا عند البدو وتحمل فوق الجحفة "الهودج" الذي يحمله الجمل وعند وصول المركب إلى بيت العريس يحملها أحد أقاربها ويدخلها حتى لا تصاب بالسحر أو نحوه من الأذى.
أما يوم العرس فيتزين الضيوف، ويجتمع الرجال مع العريس في مكان خاص يسمى "الحجابة" ويرافق العريس أحد أصدقائه المتزوجين يدعى "المزوار" فيسهر على رعايته وتوجيهه، وفي مجتمع النساء تلتف النسوة حول العروس التي تجلس في وسط الحوش وفي كلا الطرفين يسود المرح والغناء والرقص، وتوزع الأطعمة على الحاضرين وخاصة التمر والخبز في منتصف النهار، والكي باللحم ليلا، إضافة إلى الشاي، ويستمر ذلك إلى ساعة متأخرة من الليل، وبدخول العريس إلى مخدعه ينفض جميع الناس إلى منازلهم.
والجدير بالذكر أن العائلة السوفية، يسودها الحياء المفرط، فالابن في أيام زواجه الأولى يحتجب عن والده لمدة سبعة أيام، ولا يلتقي بزوجته إلاّ بعد حلول الظلام، ويغادر حجرته قبل الفجر، وعندما يُرزق بالأولاد فيستحي من حملهم أو تقبيلهم في حضرة والده، أما زوجته فتمتنع بتاتا عن بعض التصرفات في حضرة الرجال وخاصة زوجها، فتعتبر الأكل أمامه عيبا، وترتكب جريمة نكراء إذا تجرأت وطلبت منه أن يُحضر لها بعض الأغراض في البيت، وقد يكون سببا في طلاقها.