رفرف بأجنحة الذكرى على العصر
حتى تــــــطل عـــــــــلى أمجادنا الغرر
وجــــــل بعيـــنيك مـــرتــــــادا مـعـــالــــــــــــــمها
لعـــــــــــلك الـيــــوم تقضي ذمــــة الوطـــــر
وطــــــــف بــقــــلــبك مــــــزهــــوا برونــقــــــــــــها
واستلهم الوحي من أفيائها الخضـــــر
فللعــــــيون إذا ما جلـــــــــــت قرتــــــــــها
وللــقلــــــوب حيـــــــــاة في ربى السير
وقــــــــف على شرفة التــــــــاريخ معتبرا
حوادث الـــــــــــــدهر إن الدهر ذو عبر
لعــــــــل بارقة الـــــــــــذكرى تــــــــشع لنا
كـــــدأبــــها كلمـــا جــــــدت مع العــــــــــــــمر
ألم يــكن نبـــــعها للــــنفس منتـجـــــــعا
وللعــــــــــــــــــطاش معــــــينا غير منكــــدر
تـــــــــزوّد اليـــــــوم منـــــها ذوب عـــــــاطفة
لتسـتـثــــــــــــــــير حماسا كامن الشــــــرر
واستوحها من معاني الشعر ملحمة
فــــــــريدة من نسيـــــــج الـــماس والدرر
صيغت من النور في وزن وقافية
من دارة الشمس أو من هالة القـــمر
صيـــــــــــغت من النـــــور إلا أنهــا كــــلمٌ
أزرت بما صيــــــغ للألحان والوتــــــــــــر
"عيون شعر الهدى لا تشتكي رمدا
كلا ولم تكــــــــتحل يوما سوى الحــــــــور"
لفظ ومعنى من الإيمان منبثق
شعـــــــــت عليه السمـــــــــا بالأنـــــــجم الزهــر
كالسلسل العـــــذب دفـــــــــــــاق الشعور فلا
تروي خواطرنا من ضحـــلة الغُدُر
أبيـــــاتهــــــــــــا غرة في الشعر واضحة
بانت لنا فهي ملء السمع والبــصـــــــــر
في يوم ذكرى رسول الله تقبل في
إهابـهــــــــا الغـــــــــــضّ في مدٍّ بلا جزر
غــــــــراء عصماء ماجت في مباهجها
مـُـــمــَــوسق اللفظ يُهدي شيّق الصــور
... ... ...
يــــــــــــــــا سيـــد الــــخـــــــلق ما للشعر منتزه
سوى مديحك معسول الندى العطر
لكن ما حـــــل بالإسلام بعدك من
مصــــــــــــــائب الدهر ذي الأرزاء والغير
نحّت قريضي إلى نجوى أبث بها
مواجع النفس ما يخفى على البشر
يا سيد الخلق بي شكوى تؤرقني
كلاهب من ومــيض الشــــــــــــوق منصهر
يا سيـــد الـــخلق .. ما للخلـــــق منهمــــــــــكٌ
في جــنـــــح ليـــــل بـــعيد الـغـــــــور معتكر
والمسلمون كـــــتعداد الـــــــــــــــــتراب ولا
رأي يُرى لهم في زحمةِ الــــفــــــِكَر
أتــيـــــت تسقـــيهم الصــــــــــــــافي الزلال وهم
لا يرتوون سوى من آسن كدر
أتــــيت تسدي لهم نـــــــــــــــــــــــورا ومرحمة
لكنهم عن ومــــــــــــــــــيض النور في خدر
أتــــــــــــيت تهـــــــــديـــهم الجــــنـــــــــات وارفـــــــة
لكـــــــنهم نـــــــــــــــــــزحوا إلى لظى سقر
أتــــــــــــــيت ترشدهم إلى الهدى وضحا
وهــــــــــم يــــــــريــــــدون ليـــــــلا دائـــــم الدهر
أتـــــــــــيت تنــــــقذهم من ظــــــــــــلم أنفسهم
والظـــــــــلم كالنار فــيــهــــــم جـــــــــــد مستعـــــــر
أتــــــيت تــفشي سلامــــــــا بينهـــــــــم فغدوا
في قــــــــرب معــــــــترك أو وشـــــك مشتجر
أتــــــــــيت تجمـــــــــعهم في أمـــــــــــــــة وهمُ
أيــــــــــدي سبا فـــــــرق في كل مؤتـــــــمر
فـــــــــهــــــــــل أتـــــــــــاك حديث القــــــــــــوم أنهم
قد غـــــــــــــــــــيروا كل ما قد قلت من خبر
المسلمـــــــــون اسمهــــــــــــم والكفر ديدنهم
حتى غدا بـــــــــــهم الإسلام في خطر
المســــــلمون ودنيــــــــاهم قـضـــــــوا سهرا
حيــــــــــــــــــاتهم في رنين الكأس والوتر
نـــهـــــــــــارهم نــــصب.. وليـــــــــــــلهم صخب
أحيــــــــــوه بين انـــــتشاء الخمر والســــــــهر
هــــــــــــم بينهم قبل أن يأتي العدا فشل
يغـــــــــــــــــري العدو بأن يبدو كمقتدر
تــــــــــــــأخرٌ وانحسارٌ ظـــــلّ يـــــــتبــعـهــــــــــم
عن كوكب المجد أو عن موكب الظفر
فكم ببلقان من حر يســـــام أذى
وكم جرى في ربـــاها من دم هدر
وكم ببوسنـــــــــــــــــــة من عرض يداس وكم
عذراء بـــــــــــاكية من حظــــــــــــــــــها العثر
كم حـــــــــــــــرة صــــــــــــــــــــــرخت ولا كمعتصم
يجــــــــيب صــــــرختها بالجــــــيش والنــــــــــــذر
وتـــــــــــلك صومــــــــــال أوصال مـــــــــــــــــمزقة
تبعــــــــــثـــــرت في طــــــــــريق موحش وعر
عــيـــــديد يـــــزعق والمهـــــــــــــدي يجاوبه
كلاهما طـــــــــــــــــامع يسعى إلى وطر
والشــــــعب يـــــــا ويله يـــــــشقى بلا سبب
فــــــلا ترى غير أشبـــــــــاح من البشر
أفــــــنتهم الحرب لا يــــــــــــدرون وجهتهم
ويعكفون على ورد بلا صــــــــــــــــدر
ولاجئون غــــــدوا في كل مهلـــــــــــــــكة
مشــــــــــردين بـــــــــلا مـــــــــــــــــــاء ولا شجر
الظالمــــــــــــون وأمريكا ..تـقــــــــــــــــــــودهم
جــــــاءوا يقـــــــيمون عدلا بيّن العـــــــــور
واضـــــيـــــــعة الـــــــــــــــحق من عدل يُحَكِّمُهُ
قصــــــــــــــف الصواريخ في بدوٍ وفي حضر
وفي فلسطين أمجـــــاد محــــطـــــــــــــــــــــمة
والقــــــدس تنـــــــــحب في أنـــــــــــــــات محتضر
طفــــــــل هنـــــــــــالك في البأساء مصطــــــبر
يـنـــــــازل المدفــــــــــــع الجــــــــــــــــــــرار بالحجر
ليست لــــــــــه مثـــــل أطفــــــال الورى لعب
تـــــــــوحي إليه بأحــــــــــــلام الصبا النضر
من مهــــده ثار لا يلوي على أحد
ليست لـــــــــــــــديه منى شاخت مع الكبر
يعــــــــــــــــــــــــلم الصيد أرباب النضال أولى
خـــــــاضوا النـــضــــــال بهز البطن والخصر
أن الكرامة في الأحرار إن سلبت
لا تســــــــترد سوى بالنـــــــاب والظـــــــــــفر
وأن صاحـــــــب حـــــــــق لا يــــــــــــــذل به
مهما طغى ذي جـــور على البشر
... ... ...
والمبـــــــــعدون ومــــا زالت خيـــــــــــــامهم
مضـــــروبـــــــة في فيــــــافي الثلج والمطر
لم يستــــكينوا على ظـــــــلم وما وهنـــــــــوا
لــــــمـــــــا أصــــــــــابـــهــــــــم من ظالم أشر
تشبــثـــــــوا بـــــــــتراب الأرض في جـــــــلـــد
وأوهنــــوا عـــــزم ذاك الغــــــاشــــم الــوتـــــــــــــر
وآمـــنـــــــوا بانــتــصـــار الـــــحــــــق ما وجدت
لـــــــــــه نــــفــــــوس لـــغـــــير الحـــــــق لم تــــــــــــثــر
الطـــــــــفـــل والمبــــعد المنــــسي وحدهما
هما الشهابان في ليل الأسى القذر
همــــــــا اللــــــــــذان لصد الظلم قد صمدا
همـــــــا لــــمــــن شـــــــاء فخر خير مفتخر
ســــــــــــواهما عرضـــــــــوا للـبــــــــــــــيع أنفسهم
ثــــــم ارتـــــــضوا بهــــــــــــوان المترف البطر
بــــــاعــــوا ضمــــــائــــــرهـــم بـــــــاعوا كرامتهم
فـــعـــــل البـــغي بــســـــــوق الجنس والعهر
مـــــا بـــعد ذلــــك درك يـــهــــبـــــــــطون له
إلا الـــــــــزنــــــا بــــهــــم فـــــــعـــــــــــــلا كذات حر
... ... ...
هذي هي الأمة الغرقى التي وصلت
إلى الحــــضــيض ومــــــــازالــــت لمنــــــــحدر
الجــــــــــوع يفـتـــــــك في بــــعـــــــــــض ويسلبهم
حتى الكــــرامة في عيــــــــــــش بلا صغر
هــــــياكل مـــــن عظـام لا حيـــــــــــــــــــــاة لها
كأنما حـــــــشـرت من أعـــــــمــــــق الحــــفـــر
وبـــــــــعضــــــنا غــــــــاطس في المال منتفش
يشري المبــــــــــــــــــادئ أو يبتاع بالدرر
لا يــــــــأبهــــــــــــون لمـــــــــــا قد جد حولهم
فيشغــــــــلون أوان الجـــــــــــد بالهذر
أشكال إنـــــس ولكن لا كيــــــــــان لهم
فـــــهــــــــم تــــوابــــع للمتــــبوع في الأثــــــــــــــــر
نصبـــــــا ورفـــعــــا وخـــــــفضا يخفضون له
رؤوسهــــــــم وهي رمــــــز الـــــــذل والخور
صــــــــــاروا كمــــــــثل بـــــــغيّ لا تـــــرد يدا
للامس وإذا مــــا أهمــــــــــلــــت تــــــــثــــــــــــــــر
... ... ...
يـــــــا سـيـــــــــــــد الـــــخـــــلق لا مـــــا كنت متهما
فيمـــــــا تبــــــــــلغ من آي ومن سور
لكنــنا قــــــد عمــــينـــا عـــــن هــــدايـــتــــــها
صـــــــــرنا نــقـــــــايــض فــيــهـــــا الــنـفــــــــع بالضرر
فحسب جيلي سود من صحــــــــــائفه
من بعد جيــــل من الأوضـــــاع والغــــرر
كــفـــــاه مغــــــبر ليــــــــــــــــــل من هـــــــــزائمه
وللـــــــــــــــــعدو انــتــــــصارا بين الأثـــــــــــــر
كـــــــفــــاه خــــــــذلان عصــــــر لا يقيــــــــم لنا
وزنـــــــا وكنا لتيـــــــــــجان على العصر
كفى اتكالا على الأقدار نـنـــــــــــــصبها
مشاجـــــبــــــا لانــتــــــكاســـــــــــات إلى الحفر
كأنــــــمـــا غــــــــيرنــــــا في وســــــعـــه دأبــــا
أن يصرف الكون أو يلوي يد القدر
يــــا سيــــــــد الخــــــــلق تحـــــــــدونـــــــا فجائعنا
إلى الشكاة وقــــــد هنـــــــا على البشر
هنــــــــــا على النـــــــاس ولم نـــنــــصر بمعترك
مــن الحيـــــــاة ولم نفــــــلح بمـــفــــتــــــــــــــــخر
نسعى على الأرض خوفا نكسا صغرا
وهم يســـــــــيرون في كبر وفي صعر
إنــــــــــا لنـــــرنـــــو إليــــهم معـــــــــــجبين بهم
وينــــــظـــرون إليـــنا نـــــظــرة الشـــــــــــــزر
نـــــــحــــــن الغــثـــــــاء وهم كالسيل يجرفنا
وذاك مصــــــــــــــــــداق ما قد قلت في الخبر
تـــــــــــداعت الغــنـــــــم العـــــــجــــفا لقصعتـــها
كما تداعى علينا كل ذي خــــــــــــــور
... ... ...
هـــــــــا قـــــــــــــــد أقـــــــــــــلنا وأرسينا مراكبنا
بعد الطـــــــواف على أشجــــــــــــاننا الكثر
لم نحصها فهي فوق الحصر في عـــــــدد
وكـــــيـــــــف يحصـــــر ذو عي وذو حصـــــر
يــــــا سيـــــد الخــــــلق مــــا هــــانــت مــــــواجعنا
علينا فاضرع إلى الرحمن ذي القدر
يــــنـــــصر عبـــــــادا أتــــــــــوا يـــــرجـــــــونه زمرا
بغيـــــــــــث هدي على الأرواح منهمر
لــــــــــــذنا إليك كمــــــــــــا لاذت مطـــــــــــــــوقة
في يــــــــوم برد بدفء العش في الشجر
في يـــــــــــــــوم مولدك الأسمى يهدهدنا
رجـــــــــاؤنــــــا بانبــــــــــــــــلاج الشمس والقمر
فأنت أولى بنــــــــــــــا من ذات أنفسنا
فاطلب من الله يــغـفـــــــــــــــــر مثقل الوزر
لعــــــــــــل رحمة ربي إذ تطــــــــوف بــــــــنا
تمـــــحـــــــــو مــــــآسينـــــا بــــــالعطــــــف والنظر
... ... ...
يـــــــــا رب حـــــــــلمــــــك لا تـــنــــــــزل بنا غضبا
ولا تـــثــــر حممــــا تقضي على البشر
المــــترفــــــــون وقـــــــد أمــــــــرتهم فسقوا
في كـــــــــل نـــــــــــــــــاحية بالفحش والدعر
فــــارحـــم عبــــــــــــــادك والطف أنت خالقهم
وما سواك لــــــــــــــــــــدى البلوى بمنتظر
إنـــــــا لنـــــسأل بـــــــالأطفـــــــــــــال تــــــــــرحمنا
وبالدعاة الأولى يدعون بالســــــــــحر
جفــــــــــــوا لذاتك يا ربي مضاجعــــــــهم
وهــــــــــم لحبـــــــــك عـــــــــــافــــــوا ناعم السرر
جثوا لـــــــديك ولا يرجون غير رضى
يعــــــــمـــهــــــم ونــــــــــــوال منـــــــــــــــك منتشر
حاشـــــــــــاك تخذل من يدعو وقد سبقت
مـــــنـــــك الإجـــــــابــــــــة للداعين فاغتفر
... ... ...
ثـــم الصلاة على هادي الأنام ومن
لنـــــــــهجــــــه اتـــبــــــــعوا من آلــــــــه الغرر
مــــــع السلام على الأصحاب ما سطعت
شــــــمـــــــــــس الضحي بشروق غير مستتر