يبدو أن الحظ يخدم النّاخب الوطني وحيد حليلوزيتش بشكل كبير منذ تعيينه على رأس “الخضر” يوم 1 جويلية 2011،
نقول هذا الكلام دون أن نقلّل من قيمة الرجل واللّمسة الهجومية التي أضفاها على المنتخب منذ قدومه، غير أن الحقيقة الأخرى هي أنه وإلى غاية كأس إفريقيا 2013 سيكون قد لعب 10 من 12مباراة إما في الجزائر أو على ملاعب محايدة..
ذلك أنه سيكون قد اكتفى بتنقلين فقط خلال كل فترة تعيينه من جويلية العام الماضي إلى ديسمبر المقبل، وهي فترة طويلة مدتها بالتحديد 550 يوما، يقابلها معدل مباراة واحدة خارج الديار كل 9 أشهر، ستجعل من الصعب اختبار قدرات المنتخب الوطني لما يلعب خارج أرضه وفي مواجهة منتخبات مساندة بجماهيرها.
نحو لعب مباراة ودية في نوفمبر بالجزائر وهكذا مباراة غامبيا كانت الأولى والأخيرة
ويبدو أن المباراة التي لعبها “الخضر” في غامبيا يوم 29 فيفري الماضي، هي الأولى في العام والأخيرة خارج الديار، بما أن مباراة مالي لعبت في بوركينافاسو، ولقاء ليبيا سيجرى في المغرب في حين وفي تاريخ “الفيفا” لإجراء اللقاءات الودية المقرر يوم 14 نوفمبر المقبل وهي آخر مباراة في السنة، فقد تقرر استقبال منتخب قوي في الجزائر (أنباء عن استقبال البرازيل)، كما كانت مباراة غامبيا الثانية لحليلوزيتش كمدرب بعد مباراة تنزانيا التي كانت أول مباراة في مشواره، مقابل لعبه 6 مباريات في الجزائر، السابعة ستكون أمام ليبيا والثامنة كما أشرنا إليه مباراة ودية في “الفيفا داي”.
83 بالمئة من لقاءاته مع “الخضر” إما في الجزائر أو على ملاعب محايدة
ولم يسبق للمنتخب الوطني منذ تأسيسه أن استفاد من أفضلية اللّعب على أرض محايدة أمام منتخبين مختلفين في وقت قريب كما حصل معه مؤخرا، ففي ظرف 3 أشهر فقط يحرم المنتخب المالي من جمهوره ويجبر على التنقل إلى بوركينافاسو لمقابلة الجزائر، ولنفس السبب المتعلق بالأوضاع الأمنية غير المستقرة وجد المنتخب الليبي نفسه يلعب في المغرب، هذين اللقاءين إضافة إلى 8 مباريات أخرى ستجرى إلى غاية نهاية السنة في الجزائر، تجعلنا بعملية حسابية نجد أن 83 بالمئة من مباريات حليلوزيتش على رأس “الخضر” إلى غاية كأس إفريقيا المقبلة، كانت إما في الجزائر أو على ملاعب محايدة، وهي نسبة معتبرة، تؤكد ما أشرنا إليه من أنه استفاد من الحظ بشكل معتبر.
هكذا الحظ يخدمه لكن “الخضر” لن يكتسبوا ثقافة المقاومة وتحمل الضغوط
وبمقابل هذا الحظ وإن كان مفصلا على مقاس حليلوزيتش، لأن ما من مدرب خدمته المعطيات كما تفعل مع المدرب الفرانكو سبوني، فإن هذا الأمر ليس في صالح “الخضر” لأنهم من خلال الاكتفاء بمبارتين خارج الديار في فترة 18 شهرا، سيفتقدون ثقافة المقاومة وتحمل الضغوط، والتعود على اللعب دون عقدة أمام جماهير عريضة. لأن النجاح في ذلك من شأنه أن يجعل المنتخب يؤدي مباريات مثالية، مثلما يريد حليلوزيتش الذي عجز حتى الآن بعد كل الفترة التي قضاها على رأس الطاقم الفني أن يلعب مباراة مثالية، وبقي دائما يحسب عليه أنه يفوز على منتخبات يتجاوز أغلبها 100 في تصنيف “الفيفا”.
كأس إفريقيا 2013 تحتاج إلى منتخب اجتاز كل الظروف الصعبة
ولا يجب أن نغفل حقيقة أخرى وهي أن أي مدرب قبل منافسة مثل كأس إفريقيا (إن كتب لنا التأهل فيها على حساب منتخب ليبيا)، يبحث عن اختبار لاعبيه من خلال وضعهم في ظروف صعبة لامتحان مدى صبرهم ومقاومته، خاصة أن فترات أصعب تتاح دون شكل في البطولات المجمعة على غرار كأس إفريقيا التي تحتاج إلى منتخب اجتاز كل شيء، ولعب في ظروف معقدة وأمام جماهير غفيرة وواجه ضغوطا مختلفة، ولم يكتف وحسب بمواجهة منتخبات متواضعة على أرضه، وأخرى في نفس تصنيفه تقريبا ولكن على ملاعب محايدة (مالي و ليبيا)، لاسيما أن “الكان” المقبلة ستكون صعبة للغاية في ظل رغبة المنتخبات الصغيرة على الاقتداء بزامبيا، وحاجة كبرى المنتخبات إلى الثأر لنفسها بعد فشلها الذريع في الدورة الأخيرة.
منتخب سعدان سافر إلى السنغال، زامبيا ومصر واختبر قدراته قبل أنغولا 2010
ويتذكر الكل الوجه الطيب الذي قدمه “الخضر” في نهائيات كأس إفريقيا 2010 في أنغولا، والذي سبقته مباريات صعبة في ظروف مستعصية من خلال اللعب في السنغال ورواندا وزامبيا ومصر، وغيرها من المواجهات القوية التي جعلت المنتخب يصل إلى أعلى مستوى، كما قاوم في المباراة الحاسمة المنتخب مستضيف الدورة وهو أنغولا في لقاء انتهى بالتعادل السلبي. الأمر الذي يؤكد أن لعب مباريات كهذا النوع مفيد للغاية، لأنه لا فائدة من مواجهات منتخبات متواضعة لا تظهر النقاط السلبية، خاصة أن المقولة المعروفة في كل القدم هي خسارة تكشف العيوب أفضل من فوز يخفي النقائص، ولو أن حليلوزيتش في النهاية له أسلحته التي اعتاد تحضريها كل مرة، متعاملا بمبدأ لكل مقام مقال.