بسم الله الرحمن الرحيم
سيدنا
أيوب علية السلام
إنة نبي الله
الذي يضرب بة المثل على الصبر
فيقال
صبرا
كصبر أيوب
بلاء أيوب عليه السلام :
ابتلى أيوب عليه السلام
بلاء شديدا في أهله وبدنه ،وماله ، ولكنه كان
مثالا للعبودية الحقة لله
تعالى ، فصبر على ذلك حتى اصبح يضرب فيه المثل
على الصبر فيقولون (صبرا
كصبر أيوب)
وقد أثنى تبارك وتعالى عليه بقوله (إنا وجدناه صابرا نعم
العبد إنه أوّاب ..)
وقد كان أيوب عليه السلام من الأغنياء صاحب
ثروة ومال وبنين ،
وكان يملك أراض واسعة وحقولا وبساتين ،
وقد
ابتلاه الله بالنعمة والرخاء فآتاه الغنى والصحة وكثرة الأهل والولد
فكان
عبدا تقيا ذاكرا شاكرا لانعم الله عليه لم تفتنه الدنيا ولم تخدعه ،
ثم
ابتلاه الله بسلب النعمة ،
ففقد المال والأهل والولد ونشبت به
الأمراض المضنية المضجرة ، فصبر على البلاء وحمد الله وأثنى عليه ،
وما
زال على حاله من التقوى والعبادة والرضى عن ربه ، فكان في حالتي
الرخاء
والبلاء ، مثالا لعباد الله الصالحين في إرضاء الرحمن ، وإرغام أنف
الشيطان
.
قالوا :
وكانت له امرأة مؤمنة صالحة اسمها ( رحمة) من
أحفاد يوسف عليه السلام ،
وقد رافقت هذه المرأة حياة نعمته وصحته ، وزمن
بؤسه وبلائه ، فكانت في
الحالين مع زوجها شاكرة وصابرة ..
ثم إن
الشيطان حاول أن يدخل على (أيوب) في زمن بلائه فلم يؤثر فيه فحاول
أن
يدخل إليه عن طريق امرأته فوسوس لها : إلى متى تصبرين ؟ فجاءت إلى أيوب
وفي
نفسها اليأس والضجر مما أصابه فقالت له : إلى متى هذا البلاء ؟
فغضب
أيوب وقال لها :كم لبثت في الرخاء ؟
قالت : ثمانين ،
قال :
كم لبثت في البلاء ؟
قالت : سبع سنين ،
قال : أما أستحيي أن
أطلب من الله رفع بلائي وما قضيت فيه مدة رخائي ،
ثم قال : والله
لئن برئت لأضربنك مائة سوط ، وحرّم على نفسه أن تخدمه بعد
ذلك ، ثم نادى
ربه في حالة الوحدة والشدّة (ربّ إني مسّني الضرّ وأنت ارحم
الراحمين
..) فأجاب الله دعاءه ،
وكشف بلاءه ،
وأوحى عليه أن يضرب
برجله الأرض ،
فضرب الأرض فتفجر له منها الماء البارد ، فأمره أن
يشرب منه ويغتسل ، فشفاه الله ، وعاد أكمل ما كان صحة وقوة .
.و
أمر الله أن يبر بيمينه بأن يضربها بحزمة من قضبان خفيفة فيها مئة عود
،
أو يأخذ عذقا من النخل فيه مائة شمراخ (عود) فيضربها بها ضربة واحدة
ويبرّ
في يمينه ولا يحنث ، وقد شرع الله ذلك رحمة عليه وعليها لحسن خدمتها
إياه
، وتحملها معه وقت الشدة والبلاء صنوف المحنة والابتلاء .
قال ابن
كثير : (وهذا من الفرج والمخرج لمن اتقى الله وأطاعه ولا سيما في
حق
امرأته الصابرة المحتسبة ، المكابدة الصديقة ، البارة الراشدة ، رضى
الله
عنها ، ولهذا عقّب الله هذه الرخصة وعلّلها بقوله : ( إنا وجدناه
صابرا
نعم العبد إنه أوّاب ..)
وقد ذكر بعضهم أمورا لا يجوز اعتقادها
بالنسبة لبلاء (أيوب عليه السلام )
وهي منقولة عن إسرائيليات لم تصحّ
منها : أن أيوب حين أشتدّ به المرض وطال
به البلاء عافه الجليس ، وأوحش
منه الأنيس ، وانقطع عنه الناس ، وتعفّن
جسده حتى كان الدود يخرج منه ،
فأخرج من البلد والقى على مزبلة خارجها
..إلى غير ما هنالك من الحكايات
المنقولة عن التوراة المحرفة أو هي من
أقوال أهل الكتاب .. وهذا مما
يتنافى مع منصب النبوة ، وقد قرّر علماء
التوحيد أن الأنبياء منزهون عن
الأمراض المنفرة ، فكيف يتفق هذا القول مع
منصب النبوة ؟ والصحيح أن
المرض الذي ألم بأيوب لم يكن مرضا منفرا وليس
فيه شيء من هذه الأقوال
العليلة ، وإنما هو مرض طبيعي ولكنه استمرّ به
سنين عديدة تبلغ سبعا
وقيل إنّ مرضه استمر ثماني عشر سنة ، وهو ـ بلا شك ـ
أجل طويل لا يصبر
عليه عادة الإنسان ، ثم أنّ بلاءه لم يكن في جسده فحسب
بل شمل المال
والأهل والولد ولهذا قال تعالى ( ووهبنا له أهله ومثلهم معهم
). وقد عاش
أيوب عليه السلام (93 سنة) ورزقه الله المال والبنين وقد ولد
له 26
ولدا ذكرا منهم واحد يسمى (بشرا) الذي يقول بعض المؤرخين إنه (ذو
الكفل)
الذي ذكره القرآن في ضمن الرسل الكرام وقد كانت رسالة أيوب إلى أمة
الروم
ولهذا يقولون من أمة الروم ، وكان مقامه في دمشق وأطرافها على ما
ذكره
بعض المؤرخين