موضوع: رقائق تلين القلب ..{من كتاب مواعظ ابن الجوزي } الجمعة 18 يونيو 2010 - 19:58
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه مقتطفات جمعتها من كتاب ( المواعظ ) لابن الجوزي - رحمه الله - أسأل الله عز وجل أن ينفعني بها وكل مَن يقرأ
* أذكُر المَوت
إخواني: أكثروا من ذكر هادم اللذات وتفكروا في انحلال بناء اللذات وتصوروا مصير الصور إلى الرفات وأَعدوا عدةً تكفي في الكفات واعلموا أن الشيطان لا يتسلط على ذاكر الموت وإنما إذا غفل القلب عن ذكر الموت دخل العدو من باب الغفلة
* تَفَكَّر في يَومِ القِيَامَةِ
تفكروا في الحشر والمعاد وتذكروا حين تقوم الأشهاد: إن في القيامة لحسرات وإن في الحشر لزفرات وإن عند الصراط لعثرات وإن عند الميزان لعبرات وإن الظلم يومئذ ظلمات والكتب تحوي حتى النظرات وإن الحسرة العظمى عند السيئات فريق في الجنة يرتقون في الدرجات وفريق في السعير يهبطون الدركات وما بينك وبين هذا إلاَّ أن يقال: فلان مات ، وتقول: رَبِّ ارجعون فيقال: فات !
* بادر بالأعمال الصالحة
طوبى لمن بادر عُمره القصير فعمَّر به دار المصير وتهيأ لحساب الناقد البصير قبل فوات القدرة وإعراض النصير قال عليه الصلاة والسلام: " بادروا بالأَعمال سبعاً هل تنتظرون إِلّا فقراً مُنسياً أو غنى مطغياً أو مرضاً مفسداً أو موتاً مجهزاً أو هرماً مُفنداً أو الدجال فشر غائب يُنتظر أو الساعة فالساعة أدهى وأمر"
كان الحسن يقول: عجبت لأقوام أُمروا بالزاد ونودي فيهم بالرحيل وجلس أولهم على آخرهم وهم يلعبون
وكان يقول: يا بن آدم: (السكين تشحذ والتنور يسجر والكبش يعتلف)
* إبكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ
لو تَفكَّرت النُّفُوسُ فِيمَا بَينَ يَدَيهَا وَتَذَكَّرَت حِسَابهَا فيما لها وعليها لبعث حزنها بريد دمها إليها ، أَمَا يحق البُكاء لمن طالَ عِصيانهُ؟ : نهاره في المعاصي وقد طال خُسرانه وليله في الخطايا فقد خفَّ ميزانه وبين يديه الموت الشديد فيه من العذاب ألوانه
* قُمِ الليلَ واترك التكاسل
لله در أقوام هجروا لذيذ المنام وتنصلوا لما نصبوا له الأقدام وانتصبوا للنصب في الظلام يطلبون نصيباً من الإنعام إِذا جنّ الليل سهروا وإذا جاء النهار اعتبروا وإذا نظروا في عيوبهم استغفروا واذا تفكروا في ذنوبهم بكوا وانكسروا
* إندم على ذنوبك
أيها العبد: تفكّر في عُمر مضى كثيره وفي قدم ما يزال تعثيره وفي هوى قد هوى أسيره وفي قلب مشتت قد قل نظيره وتفكر في صحيفة قد اسودت وفي نفس كلما نصحت صدت وفي ذنوب ما تحصى لو أنها عُدَّت قال أبو الدرداء رضي الله عنه: تفكُّرُ ساعة خير من قيام ليلة
وقال أبو يوسف بن أسباط: الدنيا لم تخلق لتنظر إليها وإنما خلقت لتنظر بها إلى الآخرة
* إمقت نفسك وازْدَرِها
من تفكر في ذنوبه تاب ورجع ومن تذكر قبيح عيوبه ذل وتواضع ومن علم أن الهوى يسكن تصبر ومن تلمح إساءته لم يتكبر
* جاهد نفسك
أيها العبد: حاسب نفسك في خلوتك وتفكر في انقراض مدتك واعمل في زمان فراغك لوقت شدتك وتدبر قبل الفعل ما يمُلى في صحيفتك وانظر: هل نفسك معك أو عليك في مجاهدتك لقد سعد من حاسبها وفاز والله من حاربها وقام باستيفاء الحقوق منها وطالبها وكلما ونت عاتبها وكلما تواقفت جذبها وكلما نظرت في آمال هواها غلبها قال عليه الصلاة والسلام: " الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني"
* إحذر النار
إخواني: لقد خاب من آثر شهوة من حرام فإن عقباها تجرع حميم آن وخسر - والله - من أطلق نفسه فيما تريد بعد أن سمع الزبانية وأغلال الحديد وهلك كل الهلك وبار كل البوار من اشترى لذة ساعة بعذاب النار قال أبو هريرة رضي الله عنه: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أوقد على النار ألف سنة حتى احمرت ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت فهي سوداء مظلمة"
* عليك بالخوف من الله
مَن عَلم عظمة الإله زاد وجله ومن خاف نقم ربه حسن عمله فالخوف يستخرج داء البطالة ويشفيه وهو نعم المؤدب للمؤمن
* عليك بحب الله
الموت في طريق الطلب: خير من العطب في طريق البطالة ما هذا! أدم السهر والصوم وخل لأربابه طول النوم وشمر في لحاق القوم فإذا وصلت إلى دوائك: أنخت بجناب يا هذا: عليك بإدمان الذكر لعل ذكرك القليل ينمى ذكره الجليل (وَلَذِكرُ اللَهِ أَكبَرُ) أنا جليس من ذكرني لا تعجز عن حفر ساقية وإن ربت فإنك إذ ألحقتها بساحل البحر فاض من ماء البحر إليها فصارت دجلة أخلص في ذكرك لعله يذكرك
* روِّض نفسك
طهر قلبك من الشوائب فالمحبة لا تلقى إلا في قلبٍ طاهر أَمَا رأيت الزارع يتخير الأرض الطيبة ويسقيها ويرويها ثم يثيرها ويقلبها وكلما رأى حجراً ألقاه وكلما شاهد ما يؤذي نجاه ثم يلقي فيها البذر ويتعاهدها من طوارق الأذى !
* خالف هواك
لله درُّ نفس تطهرت من أجناس هواها وتجلببت جلباب الصَّبر عند دنياها وشغلها ما رآى قلبها عما رأت عيناها وإن مالت إلى الدنيا نهاها نُهاها وإن مالت إلى الهوى شفاها شفاها
* تبصَّر في نفسك
يا من نسي العهد القديم وخان من الذي سوّاك في صورة الإنسان ؟ من الذي غذاك في أعجب مكان؟ من الذي بقدرته استقام الجثمان؟ من الذي بحكمته أبصرت العينان؟ من الذي بصنعته سمعت الأذنان ؟ من الذي وهب العقل فاستبان للرشد وبان؟ من الذي بارزته بالخطايا وهو يستر العصيان؟ مَنِ الذي تركت شكره فلم يؤاخذ بالكفران؟!
* سارع إلى التوبة والإنابة
أيها العبد: راقب من يراك على كل حال وما زال نظره إليك في جميع الأفعال وطهر سرك فهو عليم بما يخطر بالبال المراقبة على ضربين : مراقبة الظاهر لأجل من يعلم ، وحفظ الجوارح عن رذائل الأفعال واستعمالها حذراً ممن يرى فأما مراقبة الباطن فمعناها أدب القلب من مساكنة خاطر لا يرضاه المولى وأجِدَّ السير في مراعاة الأولى وأما مراقبة الظواهر فهي ضبط الجوارح
* بعض ثمرات الطاعة
إخواني: من أراد دوام العافية فليتق الله ما أقبل مقبلٌ عليه إلا وجد كل خير لديه ولا أعرض معرض عن طاعته إلا وتعثر في ثوب غفلته: فــــَ يا من من يريد دوام العيش على البقاء دمّ على الإخلاص والنقاء وإياك والمعاصي فالعاصي في شقاء المعاصي والمعاصي تذل الإنسان وتخرس اللسان وتغير الحال المستقيم وتحمل الإعوجاج مكان التقويم
* الفائزون
لله درّ أقوام أقبلوا بالقلوب على مقلبها وأقاموا النفوس بين يدي مؤدبها وسلموها إذا باعوها إلى صاحبها وأحضروا الآخرة فنظروا إلى غائبها وسهروا الليالي كأنهم وُكِّلوا بِرَعىِ كواكبها ونادوا أنفسهم صبراً على نار حطبها ومقتوا الدنيا فما مالوا إلى ملاعبها واشتاقوا إلى لقاء حبيبهم فاستطالوا مدة المقام بها