صاحب الحوض المورود، واللواء المعقود،
والمقام المحمود، صاحب الغرّة والتحجيل ، المذكور في التوراة والإنجيل،
المؤيّد بجبريل، حامل لواء العزّ في بني لؤي، وصاحب الطود المنيف في بني
عبد مناف بن قصي، أشرف من ذُكر في الفؤاد، ...
<blockquote>
قصة النبوة
اسمه:
محمد -صلى الله
عليه وسلم-، اسم على مسمّى، علم على رمز، ووصف على إمام، جمع المحامد، وحاز
المكارم، واستولى على القيم، وتفرّد بالمثل، وتميّز بالريادة، محمود عند
الله لأنه رسوله المعصوم، ونبيّه الخاتم، وعبده الصالح، وصفوته من خلقه،
وخليله من أهل الأرض، ومحمود عند الناس لأنه قريب من القلوب، حبيب الى
النفوس، رحمة مهداة، ونعمة مسداة، مبارك أينما كان، محفوف بالعناية أينما
وجد، محاط بالتقدير أينما حلّ وارتحل، حمدت طبائعه لأنها هذّبت بالوحي،
وشرفت طباعه لأنها صقلت بالنبوة، فالله محمود ورسوله محمد:
وشقّ له من اسمه ليجلّه فذو
العرش محمود وهذا محمّد
واسمه أحمد، بشّر بذلك عيسى قومه، واسمه العاقب والحاشر
والماحي، وهو خاتم الرسل وخيرة الأنبياء، وخطيبهم إذا وفدوا، وإمامهم إذا
وردوا.
صاحب الحوض المورود، واللواء المعقود، والمقام المحمود، صاحب
الغرّة والتحجيل، المذكور في التوراة والإنجيل، المؤيّد بجبريل، حامل لواء
العزّ في بني لؤي، وصاحب الطود المنيف في بني عبدمناف بن قصي، أشرف من
ذُكر في الفؤاد، وصفوة الحواضر والبوادي، وأجلّ مصلح وهاد، جليل القدر،
مشروح الصدر، مرفوع الذكر، رشيد الأمر، القائم بالشكر، المحفوظ بالنصر،
البريء من الوزر، المبارك في كل عصر، المعروف في كل مصر، في همة الدهر،
وجود البحر، وسخاء القطر، صلوات الله وسلامه عليه وآله وصحبه، ما نجمٌ بدا،
وطائر شدا، ونسيم غدا، ومسافر حدا.
وأما
نسبه:
فالرسول -صلى الله عليه وسلم- خيار من خيار، الى نسبه يعود
كل مخار، وهو من نكاح لا من سفاح، آباؤه سادات الناس، وأجداده رؤوس
القبائل، جمعوا المكارم كابرا عن كابر، واستولى على معالي الأمور، فلن تجد
في صفة عبدالمطلب أجلّ منه، ولا في قرن هاشم أنبل منه، ولا في أتراب
عبدمناف اكرم منه، ولا في رعيل قصيّ أعلى كعبا منه، وهكذا دواليك.. حتى ىدم
عليه السلام، فهو -صلى الله عليه وسلم- سيد من سيد يروي المكارم أبا عن
جد:
نسبٌ كأن عليه من شمس الضحى
نورا ومن فلق الصباح عمودا
وأما موطنه عليه الصلاة والسلام:
فقد
اختار الله له من بقاع العالم ومن بين أصقاعها أحبّ البلاد إليه سبحانه،
البلد الحرام، والتربة الطاهرة، والأرض المقدسة، والوطن المحاط بالعناية
المحروس بالرعايةن فولد -صلى الله عليه وسلم- في مكة حيث صلى الأنبياء،
وتهجّد المرسلون، وهبط الوحي، وطلع النور، وأشرقت الرسالة، وسطعت النبوة،
وانبلج فجر البعثة، وحيث البيت العتيق، والعهد الوثيق، والحب العميق، فمكة
مسقط رأس المعصوم، وفيها مهد طفولته، وملاعب صباه، ومعاهد شبابه، ومراتع
فتوّته، ورياض أنسه.
بلادٌ نيطت عليّ تمائمي وأوّل
أرض مسّ جلدي ترابها
ففيها رضع لبن الطهر، ورشف ماء النبل، وحسا ينبوع
الفضيلة، وفيها درج، ودخل وخرج، وطلع وولج، فهي وطنه الأول، بأبي هو وأمي،
وهي بلدته العزيزة الى فؤاده، الحبيبة الى قلبه، الأثيرة الى روحه بنفسي
هو.
وحبّب أوطان الرجال إليهم
معاهد قضاها الشباب هنالكا
إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهمو عهود الصبا
منها فحنّوا لذالكا
فهناك في مكة صنع ملحمته الكبرى، وبثّ دعوته العظمى،
وأرسل للعالمين خطابه الحارّ الصادق، وبعث لأهل الأرض رسالته المشرقة
الساطعة، حتى إنه لما أخرج من مكة ودّعها وداع الأوفياء وفارقها وما كاد
يتحمّل هذا الفراق: ﴿لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ
(1) وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدٌِ﴾
[البلد].
محمد -صلى
الله عليه وسلم- طفلاً:
فإن الطهر ولد معه والبِشر صاحبه،
والتوفيق رافقه، فهو طفل لكن لا كالأطفال، براءة في نجابة، وذكاء مع زكاء،
وفطنه مع عناية،، فعين الرعاية تلاحظه، ويد الحفظ تعاونه، وأغضان الولاية
تظلله، فهو هالة النور بين الأطفال، حفظه الله من الرعونة ومن كل خلق رديء
ووصف مقيت ومذهب سيء، لأنه من ثغره مرشح لإصلاح العالم، مهيأ لإسعاد
البشرية، معدّ بعناية لاخراج الناس من الظلمات الى التور، فهو الرجل لكن
النبي، والإنسان لكن الرسول، والعبد لكن المعصوم، والبشر لكن الموحى إليه.
محمد -صلى الله عليه وسلم- ليس زعيما فحسب، لأن الزعماء
عدد شعر الرأس، لهم طموحات من العلوم ومقاصد من الرئاسة ومآرب من الدنيا،
أما هو فصالح مصلح، هادٍ مهدي، معه كتاب سنة، ونور وهدى، وعلم نافع وعمل
صالح، فهو لصلاح الدنيا والآخرة، ولسعادة الروح والجسد.
ومحمد -صلى
الله عليه وسلم- ليس عالمًا فحسب، بل يعلّم بإذن الله العلماء، ويفقه
الفقهاء، ويرشد الخطباء، ويهدي الحكماء، ويدل الناس الى الصواب ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٌٍ﴾ [الشورى:52].
فكلهم من رسول الله ملتمسٌ
غرفاً من البحر أو رشفاً من اليمّ
ومحمد -صلى الله عليه وسلم- ليس ملكًا يبسط سلطانه
وينشر جنوده وأعوانه، بل إمام معصوم ونبي نرسل، وبشير ونذير لكل ملك
ومملوك، وحر وعبد، وغني وفقير، وأبيض وأسود، وعربي وعجمي ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينٌَ﴾
الأنبياء، ويقول عليه الصلاة والسلام: (والذي نفسي
بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي
أرسلت به إلا كان من أصحاب النار). [أخرجه مسلم 153
عن أبي هريرة -رضي الله عنه-].
وأما شبابه، فهو زينة الشباب
وجمال الفتيان، عفة ومروءة وعقلا وأمانة وفصاحة، لم يكن يكذب كذبة واحدة،
ولم تعلم له عثرة واحدة ولا زلة واحدة ولا منقصة واحدة، فهو طاهر الإزار
مأمون الدخيلة، زاكي السر والعلن، وقور المقام، محترم الجانب، أريحيّ
الأخلاق، عذب السجايا، صادق المنطق، عفّ الخصال، حسن الخلال.
لم
يستطع أعداؤه حفظ زلة عليه مع شدة عداوتهم وعظيم مكرهم وضراوة حقدهم، بل لم
يعثروا في ملف خلقه الكريم على ما يعيب، بل وجدوا والحمد لله كل ما غاظهم
من نبل الهمة ونظافة السجل، وطهر في السيرة، وجدوا الصدق الذي يباهي سناء
الشمس، ووجدوا الطهر الذي يتطهر به ماء الغمام، فهو بنفس الغاية في كل خلق
شريف وفي كل مذهب عفيف، فكان في عنفوان شبابه مستودع الأمانات ومردّ الآراء
ومرجع المحاكمات ومضرب المثل في البرّ والسموّ والرشد والفصاحة ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٌٍ﴾ [القلم].
محمد -صلى الله عليه وسلم- رسولاً:
فهو النبأ
العظيم، والحدث الهائل، والخبر العجيب، والشأن الفخم، والأمر الضخم ﴿عَمَّ يَتَسَاءلُونَ (1)
عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2) الَّذِي هُمْ
فِيهِ مُخْتَلِفُونٌَ﴾ النبأ، فمبعثه حقيقة هو أروع الأنباء وأعظم
الأخبار الذي سارت به الأخبار، وتحدّث به السمّار، ورعاه الركبان، واندهش
منه الدهر، وذهب منه الزمن، فقد استدار له التاريخ ووقفت له الأيام، فقصة
إرساله عليه الصلاة والسلام لا يلفها الظلام ولا تغطيها الريح ولا يحجبها
الغمام، فإنما هي قصة عبرت البحار واجتازت القفار، ونزلت على العالم نزول
الغيث، وأشرقت إشراق الشمس، فهو بإختصار نور، وهل يخفى النور؟ ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ
وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونٌَ﴾ [الصف:8].
وصحّ عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث)
[أخرجه البخاري 79، ومسلم 2282 عن أبي موسى الأشعري رضي
الله عنه].
عدوّك مذمومٌ بكل لسان وإن كان
أعداءك القمران
ولله سرٌّ في علاك وإنما كلام الورى ضرب من الهذيان
فهو عليه الصلاة والسلام بعث ليعبد الله وحده لا شريك
له، بعث ليوحد الله، بعث ليقال في الأرض: لا اله إلا الله محمد رسول الله،
بعث ليحقّ الحق ويبطل الباطل، بعث بالمحجة البيضاء والملة الغرّاء والشريعة
السمحاء، بعث بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، بعث بالخير والسلام
والبرّ والمحبة والسعادة والصلاح، والأمن والإيمان، بعث بالطهارة والصلاة
والزكاة والصوم والحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بعث
بمعالي الأمور ومكارم الأخلاق ومحاسن الطباع ومجامع الفضيلة، بعث لدحض
الشرك وسحق الأصنام وكسر الأوثان وطرد الجهل ومحاربة الظلم وإزهاق الباطل
ونفي الرذيلة، فما من خير إلا دلّ عليه، وما من شرّ إلا حذّر منه.
وأمَّا
خلقه عليه الصلاة والسلام فإن الله هو الذي أدّبه فأحسن تأديبه، فهو أحسن
الناس خلقًا، وأسدّهم قولاً، وأمثلهم طريقة، وأصدقهم خبرًا، وأعدلهم حكمًا،
وأطهرهم سريرة، وأنقاهم سيرة، وأفضلهم سجايا، وأجودهم يدًا، وأسمحهم
خاطرًا، وأصفاهم صدرًا، وأتقاهم لربه، وأخشاهم لمولاه، وأعلمهم بالأمة،
وأوصلهم رحمة، وأزكاهم منبتا، وأكرمهم محتدًا، وأشجعهم قلبًا، وأثبتهم
جنانًا، وأمضاهم حجة، وخيرهم نفسًا ونسبًا وخلقًا ودينًا.
فهو جميل
الصفات مشرق المحيّا، قريب من القلوب، حبيب الى الأرواح، سهل الخليقة،
ميسّر الطريقة، مبارك الحال، تعلوه مهابة وترافقه جلالة، على وجهه نور
الرسالة، وعلى ثغره بسمة المحبة، حيّ القلب، ذكي الخاطر، عظيم الفطنة، سديد
الرأي، ريان المشاعر بالخير، يسعد به جليسه، وينعم به رفيقه، ويرتاح له
صاحبه، يحبّ الفأل ويكره الطيرة، يعفو ويصفح، ويسخو ويمنح، أجود من الريح
المرسلة، وأكرم من الغيث الهاطل، وأبهى من البدر، وسع الناس بأخلاقه وطوّق
الرجال بكرمه، وأسعد البشرية بدعوته، من رآه أحبّه، ومن عرفه هابه، ومن
داخله أجلّه، كلامه يأخذ بالقلوب، وسجاياه تأسر الأرواح.
ثبّت الله قلبه فلا يزيغ، وسدّد كلامه فلا يجهل، وحفظ
عينه فلا تخون، وحصّن لسانه فلا يزل، ورعى دينه فلا يضل، وتولى أمره فلا
يضيع، فهو محفوظ مبارك ميمون ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى
خُلُقٍ عَظِيمٌٍ﴾ [القلم]، ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمٌْ﴾ [آل عمران159]. يقول عليه الصلاة والسلام: (إن أتقاكم وأعلمكم بالله أن) [أخرجه
البخاري 20 عن عائشة رضي الله عنه].
ويقول: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهله) [أخرجه الترمذي 3895 والبيهقي في السنن 15477 عن عائشة].
ويروى
عنه أنَّه قال: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)
[أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 20571]. فسبحان من
اجتباه واصطفاه وتولاه وحماه ورعاه وكفاه، ومن كل بلاء حسن أبلاه.
وأما دينه:
فهو الإسلام، دين الفطرة، دين
الوسط، دين الفلاح والنجاة، أحبّ الأديان الى الله ﴿وَمَن
يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي
الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينٌَ﴾ [آل عمران]،
دين جاء لوضع الآصار والأغلال عن الأمة، سهل ميسّر، عام شامل، كامل تام ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ
عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينٌ﴾ [المائدة :3].
دين جاء ليخرج الناس من عبادة العباد
الى عبادة ربّ العباد، ومن ضيق الدنيا الى سعة الاخرة، ومن ظلمات الشرك
الى نور التوحيد، ومن شقاء الكفر الى سعادة الإيمان.
دين صالح لكل
زمان ومكان، شرعه من يغفر الزلة، وهو الذي يعلم السرّ وأخفى، العالم
بعلانية العبد والنجوى.
وهو الدين الوسط الذي جاء بالعلم النافع
والعمل الصالح، خلاف ما كان عليه اليهود؛ لأن عندهم علم غير نافع لم يعملوا
به، فغضب الله عليهم، وخلاف النصارى؛ لأن عندهم عمل بلا علم، فضلوا سواء
السبيل. فدين الإسلام صراط الذين أنعم الله عليهم غير المغضوب عليهم ولا
الضالين. فالرسول صلى الله عليه وشلم بعث أميا من الأميين يتلو عليهم آيات
الله ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، وإن كانوا من قبله لمن الضالين، فجاء
هذا الدين بتحريم الكذب في الأقوال والزور في الشهادة، والظلم في الأحكام،
والجور في الولاية، والتصفيف في المكيال والميزان، والبغي على الناس
والاعتداء على الغير والإضرار بالنفس والناس، فحفظ القلب بالإيمان، والجسم
بأسباب الصحة، والمال من التلف، والعرض من الإنتهاك، والدم من السفك،
والعقل من إذهابه وتغييره.
وأما كتابه:
فهو
القرآن، أفضل الكتب وأجلّ المواثيق، وأحسن القصص وأحسن الحديث، فهو الحق
المهيب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد،
كتاب فصّلت آياته ثم أحكمت، مبارك في تلاوته وتدبره والاستشفاء به
والتحاكم اليه والعمل به، كل حرف منه بعشر حسنات، شافع مشفّع، وشاهد صادق،
أنيس ممتع، وسمير مفيد، وصاحب أمين، معجز مؤثر، له حلاوة وعليه طلاوة، يعلو
ولا يعلى عليه، ليس بسحر ولا شعر ولا بكهانة ولا بقول بشر، بل هو كلام
الله، منه بدا وإليه يعود، نزل به الروح الأمين على قلب رسول ربّ العالمين
ليكون من المرسلين، بلسان عربي مبين، فهو الكتاب الذي بزّ فصاحة، وفاقها
بلاغة، وعلا عليها حجة وبيانا، وهو هدى ورحمة وموعظة وشفاء لما في الصدور،
ونور وبرهان ورشد وسداد ونصيحة وتعليم، محفوظ من التبديل، محروس من الزيادة
والنقص، معجزة خالدة، عصمة لمن اتبعه ونجاة لمن عمل به، وسعادة لمن
استرشده، وفوز لمن اهتدى بهديه، وفلاح لمن حكمه في حياته. يقول عليه الصلاة
والسلام: (اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة
شفيعا لأصحابه) [أخرجه مسلم 804 عن أبي أمامة
الباهلي رضي الله عنه]، وقال: (خيركم من
تعلّم القرآن وعلّمه) [أخرجه البخاري 5027 عن عثمان
رضي الله عنه]، وقال: (إن الله يرفع بهذا
الكتاب أقواما ويضع به آخرين) [أخرجه مسلم 817 عن
عمر رضي الله عنه].
وهو الكتاب الذي أفحم الشعراء، وأسكت الخطباء، وغلب
البلغاء، وقهر العرب العرباء، وأعجز الفصحاء، وأعجب العلماء وأذهل الحكماء ﴿إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمٌُ﴾
[الإسراء 9].
محمد
-صلى الله عليه وسلم- صادقًا:
فهو أصدق من تكلم، كلامه حق وصدق
وعدل، لم يعرف الكذب في حياته جادّا أو مازحا، بل حرّم الكذب وذمّ أهله
ونهى عنه، وقال:" إنّ الصدق يهدي الى البر، وإن البرّ يهدي الى الجنة، ولا
يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صدّيقا ..) [أخرجه
البخاري 6094 ومسلم 2607 عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه].
وأخبر
أنَّ المؤمن قد يبخل وقد يجبن، لكنه لا يكذب أبدًا، وحذر من الكذب في
المزاح لإضحاك القوم، فعاش عليه الصلاة والسلام والصدق حبيبه وصاحبه،
ويكفيه صدقًا -صلى الله عليه وسلم- أنَّه أخبر عن الله بعلم الغيب، وائتمنه
الله على الرسالة، فأداها للأمة كاملة تامة، لم ينقص حرفا ولم يزد حرفا،
وبلّغ الأمانة عن ربه بأتمّ البلاغ، فكل قوله وعمله وحاله مبني على الصدق،
فهو صادق في سلمه وحربه، ورضاه وغضبه، وجدّ وهزله، وبيانه وحكمه، صادق مع
القريب والبعيد، والصديق والعدو، والرجل والمرأة، صادق في نفسه ومع الناس،
في حضره وسفره، وحلّه وإقامته، ومحاربته ومصالحته، وبيعه وشرائه، وعقوده
وعهوده ومواثيقه، وخطبه ورسائله، وفتاويه وقصصه، وقوله ونقله، وروايته
ودرايته، بل معصوم من أن يكذب، فالله مانعه وحاميه من هذا الخلق المشين، قد
أقام لسانه وسدّد لفظه، وأصلح نطقه وقوّم حديثه، فهو الصادق المصدوق، الذي
لم يحفظ له حرف واحد غير صادق فيه، ولا كلمة واحدة خلاف الحق، ولم يخالف
ظاهره باطنه، بل حتى كان صادقا في لحظاته ولفظاته وإشارات عينيه، وهو الذي
يقول: (ما كان لنبي أن تكون له خائنة أعين) [أخرجه أبو داود 4359 والنسائي 4067، وذلك لما قال له أصحابه:
ألا أشرت لنا بعينك في قتل الأسير؟!]
بل هو الذي جاء بالصدق
من عند ربه، فكلامه صدق وسنّته صدق، ورضاه صدق وغضبه صدق، ومدخله صدق
ومخرجه صدق، وضحكه صدق وبكاؤه صدق، ويقظته صدق ومنامه صدق ﴿لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمٌْ﴾ [الأحزاب:8]، ﴿يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ﴾
[التوبة:11]، ﴿فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ
خَيْراً لَّهُمٌْ﴾ [محمد].
فهو -صلى
الله عليه وسلم- صادق مع ربه، صادق مع نفسه، صادق مع الناس، صادق مع أهله،
صادق مع أعدائه، فلو كان الصدق رجلاً لكان محمداً -صلى الله عليه وسلم-،
وهل يُتعلم الصدق إلا منه بأبي هو وأم؟ وهل ينقل الصدق إلا عنه بنفسي هو؟
فهو الصادق الأمين في الجاهلية قبل الإسلام والرسالة، فكيف حاله بالله بعد
الوحي والهداية ونزول جبريل عليه ونبوّته وإكرام الله له بالإصطفاء
والاجتباء والاختيار؟!
محمد -صلى الله عليه
وسلم- صابرًا:
فلا يعلم أحد مرّ به من المصائب والمصاعب والمشاق
والأزمات كما مرّ به -صلى الله عليه وسلم-، وهو صابر محتسب ﴿وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهٌِ﴾ [النحل:127]، صبرعلى اليتم والفقر والعوز والجوع والحاجة
والتعب والحسد والشماتة وغلبة العدو أحيانا، وصبر على الطرد من الوطن
والإخراج من الدار والإبعاد عن الأهل، وصبر على قتل القرابة والفتك
بالأصحاب وتشريد الأتباع وتكالب الأعداء وتحزّب الخصوم واجتماع المحاربين
وصلف المغرضين وكبر الجبارين وجهل الأعراب وجفاء البادية ومكر اليهود وعتوّ
النصارى وخبث المنافقين وضرواة المحاربين، وصبر على تجهّم القريب وتكالب
البعيد، وصولة الباطل وطغيان المكذبين.. صبر على الدنيا بزينتها وزخرفها
وذهبها وفضتها، فلم يتعلق منها بشيء، وصبر على إغراء الولاية وبريق المنصب
وشهوة الرئاسة، فصدف عن ذلك كله طلبا لمرضاة ربه، فهو -صلى الله عليه وسلم-
الصابر المحتسب في كل شأن من شؤون حياته، فالصبر درعه وترسه وصاحبه
وحليفه، كلما أزعجه كلام أعدائه تذكّر ﴿فَاصْبِرْ
عَلَى مَا يَقُولُونٌَ﴾ [طه 130]، وكلما بلغ
به الحال أشدّه والأمر أضيقه تذكّر ﴿فَصَبْرٌ
جَمِيلٌٌ﴾ [يوسف 18]، وكلما راعه هول العدو
وأقضّ مضجعه تخطيط الكفار تذكّر﴿فَاصْبِرْ كَمَا
صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلٌِ﴾ [الأحقاف
35].
وصبره -صلى الله عليه وسلم- صبر الواثق بنصر الله،
المطمئن الى وعد الله، الراكن الى مولاه، المحتسب الثواب من ربّه جلّ في
علاه، وصبره صبر من علم أن الله سوف ينصره لا محالة، وأن العاقبة له، وأن
الله معه، وأن الله حسبه وكافيه، يصبر -صلى الله عليه وسلم- على الكلمة
النابية فلا تهزه، وعلى اللفظة الجارحة فلا تزعجه، وعلى الإيذاء المتعمّد
فلا ينال منه.
مات عمه فصبر، وماتت زوجته فصبر، وقتل حمزة فصبر،
وأُبعد من مكة فصبر، وتوفي ابنه فصبر، وتوفي ابنه فصبر، ورميت زوجته
الطاهرة فصبر، وكُذّب فصبر، قالوا له شاعر كاهن ساحر مجنون كاذب مفتر فصبر،
أخرجوه، آذوه، شتموه، سبّوه، حاربوه، سجنوه .. فصبر، وهل يتعلّم الصبر إلا
منه؟ وهل يُقتدى بأحد في الصبر إلا به؟ فهو مضرب المثل في سعة الصدر وجليل
الصبر وعظيم التجمّل وثبات القلب، وهو إمام الصابرين وقدوة الشاكرين -صلى
الله عليه وسلم-.
محمد -صلى الله عليه وسلم-
جوادًا:
فهو أكرم من خلق الله، وأجود البرية نفسا ويدا، فكفّه
غمامة بالخير، ويده غيث الجود، بل هو أسرع بالخير من الريح المرسلة، لا
يعرف "لا" إلا في التشهد:
كا قال "لا" قط إلا في تشهدّه
لولا التشهد كانت لاؤه نعم
يعطي عليه الصلاة والسلام عطاء من لا يخشى الفقر؛ لأنه
بعث بمكارم الأخلاق، فهو سيد الأجواد على الإطلاق، أعطى غنما بين جبلين،
وأعطى كل رئيس قبيلة من العرب مائة ناقة، وسأله سائل ثوبه الذي يلبسه فخلعه
وأعطاه، وكان لا يردّ طالب حاجة، قد وسع الناس برّه، طعامه مبذول وكفه
مدرار، وصدره واسع، وخلقه سهل، ووجه بسّام:
تراه إذا ما جئته متهللا كأنك
تعطيه الذي أنت سائله
ينفق مع العدم ويعطي مع الفقر، يجمع الغنائم ثو يوزعها
في ساعة، ولا يأخذ منها شيئا، مائدته -صلى الله عليه وسلم- معروضة لكل
قادم، وبيته قبلة لكل وافد، يضيف وينفق ويعطي الجائع بأكله، ويؤثر المحتاج
بذات يده، ويصل القريب بما يملك، ويواسي المحتاج بما عنده، ويقدّم الغريب
على نفسه، فكان -صلى الله عليه وسلم- آية في الجود والكرم، حتى لا يقارن به
أجواد العرب كحاتم وهرم ابن جدعان؛ لأنه يعطي عطاء من لا يطلب الخلف إلا
من الله، ويجود جود من هانت عليه نفسه وماله وكل ما يملك في سبيل ربه
ومولاه، فهو أندى العالمين كفا، وأسخاهم يدا، وأكرمهم محتدا، قد غمر أصحابه
وأحبابه وأتباعه، بل حتى أعداءه ببرّه وإحسانه وجوده وكرمه وتفضله، أكل
اليهود على مائدته، وجلس الأعراب على طعامه، وحفّ المنافقون بسفرته، ولم
يُحفظ عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه تبرّم بضيف أو تضجّر من سائل أو تضايق
من طالب، بل جرّ أعرابي برده حتى أثّر في عنقه وقال له: أعطني من مال الله
الذي عندك، لا من مال أبيك وأمّك، فالتفت إليه -صلى الله عليه وسلم- وضحك
وأعطاه، وجاءته الكنوز من الذهب والفضة وأنفقها في مجلس واحد ولم يدّخر
منها درهما ولا دينارا ولا قطعة، فكان أسعد بالعطية يعطيها من السائل، وكان
يأمر بالإنفاق والكرم والبذل، ويدعو للجود والسخاء، ويذمّ البخل والإمساك،
فيقول: (من كان بؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم
ضيفه) [أخرجه البخاري [ 6018، 6136،
6138] ومسلم 47 عن أبي هريرة رضي الله عنه]، وقال: (كل امرئ في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس) [أخرجه ابن خزيمة في صحيحه 2431، وابن حبان في صحيحه 3310.]،
وقال: (ما نقصت صدقة من مال) [أخرجه
مسلم 2588 عن أبي هريرة رضي الله عنه].
محمد -صلى الله عليه وسلم- شجاعًا:
هذا مما
تناقلته الأخبار وسار مسير الشمس في رابعة النهار، فكان أثبت الناس قلبًا،
وكان كالطود لا يتزعزع ولا يتزلزل، ولا يخاف التهديد والوعيد، ولا ترهبه
المواقف والأزمات، ولا تهزه الحوادث والملمّات، فوّض أمره لربه وتوكل عليه
وأناب إليه، ورضي بحكمه واكتفى بنصره ووثق بوعده، فكان عليه الصلاة والسلام
يخوض المعارك بنفسه ويباشر القتال بشخصه الكريم، يعرّض روحه للمنايا
ويقدّم نفسه للموت، غير هائب ولا خائف، ولم يفرّ من معركة قط، وما تراجع
خطوة واحدة ساعة يحمي الوطيس وتقوم الحرب على ساق وتشرع السيوف وتمتشق
الرماح وتهوي الرؤوس ويدور كأس المنايا على النفوس، فهو في تلك اللحظة أقرب
أصحابه من الخطر، يحتمون أحيانا وهو صامد مجاهد، لا يكترث بالعدوّ ولو كثر
عدده، ولا يأبه بالخصم ولو قوي بأسه، بل كان يعدل الصفوف ويشجع المقاتلين
ويتقدم الكتائب.
وقد فرّ الناس يوم حنينن وما ثبت إلا هو وستة من
أصحابه، ونزل عليه ﴿فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ
لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينٌَ﴾ [النساء 84]، وكان صدره بارزا للسيوف والرماح، يصرع
الأبطال بين يديه ويذبح الكماة أمام ناظريه وهو باسم المحيا، طلق الوجه،
ساكن النفس.
وقفت وما في الموت شك لواقف
كأنك في جفن الرّدى وهو نائم
تمرّ بك الأبطال كلمى هزيمة ووجهك وضّاح
وثغرك باسم
وقد شُجّ عليه الصلاة والسلام في وجهه وكسرت رباعيته،
وقتل سبعون من أصحابه، فما وهن ولا ضعف ولا خار، بل كان أمضى من السيف.
وبرز يوم بدر وقاد المعركة بنفسه، وخاض غمار الموت بروحه الشريفة. وكان أول
من يهبّ عند سماع المنادي، بل هو الذي سنّ الجهاد وحثّ وأمر به.
وتكالبت
عليه الأحزاب يوم الخندق من كل مكان، وضاق الأمر وحلّ الكرب، وبلغت القلوب
الحناجر، وظن بالله الظنون، وزلزل المؤمنون زلزالا شديدا، فقام -صلى الله
عليه وسلم- يصلي ويدعو ويستغيث مولاه حتى نصره ربّه وردّ كيد عدوّه وأخزى
خصومه وأرسل عليهم ريحا وجنودا وباؤوا بالخسران والهوان.
ونام الناس
ليلة بدر وما نام هو -صلى الله عليه وسلم-، بل قام يدعو ويتضرّع ويتوسل
الى ربه ويسأله نصره وتأييده، فيا له من إمام وما أشجعه! لا يقوم لغضبه
أحد، ولا يبلغ مبلغه في ثبات الجأش وقوة القلب مخلوق، فهو الشجاع الفريد
والصنديد الوحيد الذي كملت فيه صفات الشجاعة وتمّت فيه سجايا الإقدام وقوة
البأس، وهو القائل:" والذي نفسي بيده لوددت أنني أقتل في سبيل الله ثم أحيا
ثم أقتل" أخرجه البخاري [36،2797] ومسلم 1876 عن
أبي هريرة رضي الله عنه.
محمد -صلى الله
عليه وسلم- زاهدًا:
كان زهده -صلى الله عليه وسلم- زهد من علم
فناء الدنيا وسرعة زوالها وقلة زادها وقصر عمرها، وبقاء الآخرة وما أعدّه
الله لأوليائه فيها من نعيم مقيم وأجر عظيم وخلود دائم، فرفض -صلى الله
عليه وسلم- الأخذ من الدنيا إلا بدقر ما يسدّ الرمق ويقيم الأود، مع العلم
أن الدنيا عرضت عليه وتزيّنت له وأقبلت إليه، ولو أراد جبال الدنيا أن تكون
ذهبا وفضة لكانت، بل آثر الزهد والكفاف، فربما بات جائعا ويمرّ الشهر لا
توقد في بيته نار، ويستمر الأيام طاويا لا يجد رديء التمر يسدّ به جوعه،
وما شبع من خبز الشعير ثلاث ليال متواليات، وكان ينام على الحصير حتى أثّر
في جنبه، وربط الحجر على بطنه من الجوع، وكان ربما عرف أصحابه أثر الجوع في
وجهه عليه الصلاة والسلام.
وكان بيته من طين، متقارب الأطراف، داني
السقف، وقد رهن درعه في ثلاثين صاعا من شعير عند يهودي، وربما لبس إزارا
ورداء فحسب، وما أكل على خوان قط، وكان أصحابه ربما أرسلوا له الطعام لما
يعلمون من حاجته إليه، كل ذلك إكراما لنفسه عن أدران الدنيا، وتهذيبا لروحه
وحفظا لدينه ليبقى أجره كاملا عند ربه، وليتحقق له وعد مولاه ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٌ﴾ [الضحى]، فكان يقسم الأموال على الناس ثم لا يحوز منها
درهما واحدا، ويوّزع الإبل والبقر والغنم على الأصحاب والأتباع والمؤلفة
قلوبهم ثم لا يهب بناقة ولا بقرة ولا شاة، بل يقول عليه الصلاة والسلام:"
لو كان لي كعضاة -أي شجر- تهامة مالا لقسمته ثم لا تجدوني بخيلاً ولا
كذابًا ولا جبان) [أخرجه مالك في الموطأ 977، والطبراني في
الأوسط 1864 والكامل لابن عدي 3\97].
وراودته الجبال الشمّ من ذهب
عن نفسه فأراها أيما شمم
بل وكان عليه الصلاة والسلام الأسوة العظمى في الإقبال
على الآخرة وترك الدنيا وعدم الإلتفات إليها أو الفرح بها أو جمعها أو
التلذذ بطيباتها أو التنعم بخيراتها، فلم يبن قصرًا، ولم يدّحر مالاً، ولم
يكن له كنز ولا جنة يأكل منها، ولم يخلف بستانًا ولا مزروعة، وهو القائل: (لا نورّث، ما تركناه صدقة) [أخرجه
البخاري [3039، 3712] ومسلم برقم 1758]، وكان
يدعو بقوله وفعله وحاله الى الزهد في الدنيا والاستعداد للآخرة والعمل.
ما
نظر إليه -صلى الله عليه وسلم- وهو إمام المسلمين وقائد المؤمنين وأفضل
الناس أجمعين يسكن في بيت طين وينام على حصير بال ويبحث عن تمرات تقيم
صلبه، وربما اكتفى باللبن.
بل خُيّر بين أن يكون ملكا رسولا أو عبدا
رسولا فاختار أن يكون عبدا رسولا، يشبع يوما ويجوع يوما، حتى لقي الله عز
وجل.
ومن زهده في الدنيا سخاؤه وجوده كما تقدم، فكان لا يرد سائلا
ولا يحجب طالبا ولا يخيّب قاصدًا، وأخبر أنَّ الدنيا لا تساوي عند الله
جناح بعوضة، وقال: (كن في الدنيا كأنك غريب او عابر
سبيل) [أخرجه البخاري 6416 عن ابن عمر رضي الله
عنهم].
ويروى عنه أنه قال: (ازهد في
الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس) [أخرجه
ابن ماجه 4102 والطبراني في الكبير 10522 والحاكم 7833 عن سهل بن سعد
الساعدي].
وقال: (مالي وللدنيا، إنما
مثلي ومثل الدنيا كمثل رجل قال في ظل شجرة ثم قام وتركه) [أخرجه أحمد [3701، 4196] والترمذي 2377،
وابن ماجه 4109 عن عبدالله بن مسعود وقال الترمذي حسن صحيح].
وقال:
(الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما
والاه وعالما أو متعلم) [أخرجه الترمذي 2322 وابن
ماجه 4112 عن أبي هريرة رضي الله عنه].
وقال: (ليس لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو
تصدقت فأمضيت) [أخرجه مسلم 2958].
</blockquote>