كان عبدون جالسا منذ الصباح يتصفح الانترنيت ساهيا لاهيا ناسيا ذكر الله وحتى الصلاة يذهب إليها متكاسلا وقد يخرجها عن وقتها وإذا صلاها فعقله يضل مشغولا بمواضيع الانترنيت وفضائحه .
رن الهاتف : ترن ترن ترن
-أجاب عبدون بغضب على الذي أزعجه في ذلك الوقت بحاجبين معقوفين وصوت وقح ،من معي الهاتف؟؟
-آلو أنا ابن عمك عبد الكريم
- يا مرحبا بابن العم ،كيف الحال والأحوال ،كيف الوالدة والإخوان والأولاد .
-الحمد لله ، الكل بخير.
-هل تعلم يا أخي أن مصطفى ابن يامنة قد توفي البارحة ؟ ولقد دفناه على وجه السرعة في نفس اليوم، الله يرحمه ويرحم جميع المسلمين والمسلمات آمين يارب العالمين.
-ماذا تقول؟؟ وكأنما صعق بدارة كهربائية عالية التوتر، هذا غير معقول لقد رأيته الأسبوع الفارط بصحة جيدة ومازال على أناقته المعهودة وابتسامته الحلوة ونكثه الغزيرة .
-نعم هو ذاك لكن الموت لا يفرق بين الصغير ولا الكبير ، الضعيف ولا القوي ولا هذا ولا ذاك ، البقاء لله وحده .
-هل أصيب بحادثة سير اواصيب باختناق غازي أو ماذا؟
- لا هذا ولا ذاك، فقط مات موتا عاديا في بيته بين اهله وأحبائه ،فبعدما عاد من العمل ،نام ليستريح من تعب العمل فنام إلى الأبد، اللهم ارحمنا واحسن خاتمتنا يا أرحم الراحمين آمين.
-سبحان الله،اجله قد وصل ولا مفر منه .
سكت عبدون برهة تم قال: بصوت مخنوق بالبكاء إنا لله وإنا إليه راجعون، كان نعم الصديق ،ونعم الأخ الأكبر ،ونعم الجار .
-بعدما أغلق الهاتف ،تأوه عبدون وفاضت عيناه بالدمع وجال بذاكرته إلى الوراء حين كان مصطفى حيا بل تذكر معه أناس آخرين قد عاصرهم وقد حصدهم الموت كذلك ، آباء،أصدقاء ،وجيران وو..كثير من الحيوانات .
-قال مع نفسه: ماذا بقي منهم؟ سوى ذكريات وذكريات .
فقط هم رحلوا قبل ان تحل بنا هذه البلاوي كلها قنوات الرقص والفجور والانترنيت الذي أسأنا استعماله فضيعنا وضيعنا أوقات الصلاة والذكر ، تلاوة القرآن .
-ماذا سأقول لربي يوم الحساب ؟ ؟
قم يا عبدون من هذه الغفلة وصل واعبد ربك.
بقلمي