بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ . قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبُكَائِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ الْمُطَّلِبِيِّ : وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ بَيْعَةِ الْعَقَبَةِ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي الْحَرْبِ وَلَمْ تُحَلَّلْ لَهُ الدِّمَاءُ ، إنَّمَا يُؤْمَرُ بِالدُّعَاءِ إلَى اللَّهِ وَالصَّبْرِ عَلَى الْأَذَى ، وَالصُّفْحِ عَنْ الْجَاهِلِ وَكَانَتْ قُرَيْشٌ قَدْ اضْطَهَدَتْ مَنْ اتَّبَعَهُ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ حَتَّى فَتَنُوهُمْ عَنْ دِينِهِمْ وَنَفَوْهُمْ مِنْ بِلَادِهِمْ ، فَهُمْ مِنْ بَيْنِ مَفْتُونٍ فِي دِينِهِ ، وَمِنْ بَيْنِ مُعَذَّبٍ فِي أَيْدِيهِمْ ، وَبَيْنِ هَارِبٍ فِي الْبِلَادِ فِرَارًا مِنْهُمْ ، مِنْهُمْ مَنْ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ بِالْمَدِينَةِ ، وَفِي كُلٍّ وَجْهٌ ؛ فَلَمَّا عَتَتْ قُرَيْشٌ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَرَدُّوا عَلَيْهِ مَا أَرَادَهُمْ بِهِ مِنْ الْكَرَامَةِ ، وَكَذَّبُوا نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَعَذَّبُوا وَنَفَوْا مَنْ عَبَدَهُ وَوَحَّدَهُ وَصَدَّقَ نَبِيَّهُ ، وَاعْتَصَمَ بِدِينِهِ ، أَذِنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقِتَالِ وَالِانْتِصَارِ مِمَّنْ ظَلَمَهُمْ وَبَغَى عَلَيْهِمْ ، فَكَانَتْ أَوَّلُ آيَةٍ أُنْزِلَتْ فِي إذْنِهِ لَهُ فِي الْحَرْبِ ، وَإِحْلَالِهِ لَهُ الدِّمَاءَ وَالْقِتَالَ ، لِمَنْ بَغَى عَلَيْهِمْ ، فِيمَا بَلَغَنِي عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ ، قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى " - ص 468 -" : أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ - : أَيْ أَنِّي إنَّمَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ الْقِتَالَ لِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذَنْبٌ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ النَّاسِ ، إلَّا أَنَّ يَعْبُدُوا اللَّهَ ، وَأَنَّهُمْ إذَا ظَهَرُوا أَقَامُوا الصَّلَاةَ ، وَآتَوْا الزَّكَاةَ ، وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ ، وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ . يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ ، ثُمَّ أَنَزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَيْهِ : وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ أَيْ حَتَّى لَا يُفْتَنَ مُؤْمِنٌ عَنْ دِينِهِ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ أَيْ حَتَّى يُعْبَدَ اللَّهُ ، لَا يَعْبُدُ مَعَهُ غَيْرُهُ .