بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه
اما بعد
قال الإمام العلامة محمد بن صالح العثيمين_ رحمه الله تعالى_ ناصحا_
لهذا ينبغي لنا أن نستقبل شهر رمضان بالعزيمة الصادقة , والنفس النشيطة على فعل الخيرات وترك المنكرات , لأنه موسم عظيم , كم من إنسان استقبله ولم يدركه؛ وكم من إنسان أدرك أوله ولم يدرك آخره ؛ وكم من إنسان صامه ولم يصمه ؛ صامه ولم يصمه !!.
وذلك لأن الصيام صياما ن : صيام عن الملذات الجسدية , وصيام عن الهوى _هوى النفس_المردي المهلك لصاحبه
فالصيام عن الأكل والشرب والنكاح : صيام عن الملاذ الجسدية
والصيام عن الهوى باجتناب المعاصي وفعل الواجبات : صيام روحي يغذي الروح , يزكيها
وإني أسأل : أيهما المقصود من فرض الصوم : أهو الصيام الجسدي ؟ أم الروحي ؟ , الثاني هو: المقصود , هو : الأعظم .
ودليل هذا في كتاب الله_عز وجل_ وفي سنة الرسول صلى الله عليه وسلم , قال الله تعالى : "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون" (البقرة : 183) , هذه العلة : لأجل التقوى , لم يقل لعلكم تدعون الطعام والشراب والنكاح , قال : لعلكم تتقون .
وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : "من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه " (متفق عليه) , ليس لله حاجة أو حكمة في أن يدع الإنسان طعامه وشرابه , لأن ترك الطعام والشراب مع اشتهاء الإنسان له ليس إلا تعذيبا , والله_عز وجل_ لا يريد أن يعذبنا "ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم " (النساء : 147) , ولكن الغرض هو : صوم النفس عن محارم الله , وما أكثر الذين يضيعون المقصود ولكنهم يتقنون الوسيلة , يضيعون المقصود وهو : تقوى الله ؛ لكنهم يعتنون بالوسيلة وهي : الكف عن الطعام والشراب والنكاح , حتى إن الواحد منهم يأتي يسأل يقول : إنه نقش سنه وخرج منه دم فهل يفطر ؟! مع أنك تجده قد أضاع الصلاة , وانتهك الحرمات : ربا , غش , كذب , غيبة , نميمة , كل هذا لا يبالي به !!, ولا يسأل عنه !!, ولا يقول : هل نقص صيامي بذلك ؟!!, _أبدا_ ؛ لكن الصوم عن الملاذ الجسدية تجده حريصا عليه , زد على ذلك أن بعض الناس يصوم وهو لا يصلي !!!, سبحان الله , أيقبل صوم من لا يصلي ؟!!, لا؛ لا يقبل .
لأن من لا يصلي : كافر _خارج عن الملة_ لا يقبل منه أي عمل "وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله " (التوبة : 54) , فكيف تصوم عن ما أحل الله لك ولكنك تمارس ما حرم الله عليك !!
أين الصوم ؟!!. ولهذا يجب علينا أن : نتقي الله _عز وجل_ في صيامنا , وأن : نتجنب الجهل وقول الزور والعمل به , حتى إذا خرج رمضان ونحن قد ربينا أنفسنا شهرا كاملا على : القيام بالواجبات وترك المحرمات , فإن ذلك سيؤثر في صلاحنا مدى العام , ثم لا يأتي العام الثاني إلا وقد أعدنا نشاطنا مرة أخرى , أما أن يصوم الإنسان عن الأكل والشرب والنكاح ولكنك تجده قد أضاع الواجبات وانتهك المحرمات !!!, فهذا وإن صام , لكنه لم يصم حقيقة ؛ لم يصم الصوم الذي أراد الله _عز وجل_ منه , وهو : أن يصوم عن محارم الله .
أسأل الله تعالى أن يعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته.(انتهى كلامه_رحمه الله_)
وسبحانك اللهم وبحمدك , أشهد أن لا إله إلا أنت , أستغفرك وأتوب إليك