بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
قَال الله تَعَالَى :"وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً "[النساء 69] .
نَزَلَتْ فِي ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ شَدِيدَ الْحُبِّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلِيلَ الصَّبْرِ عَنْهُ ، فَأَتَاهُ ذَاتَ يَوْمٍ وَقَدْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ يُعْرَفُ الْحُزْنُ فِي وَجْهِهِ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا غَيَّرَ لَوْنَكَ " ؟ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بِي مَرَضٌ وَلَا وَجَعٌ غَيْرَ أَنِّي إِذَا لَمْ أَرَكَ اسْتَوْحَشْتُ وَحْشَةً شَدِيدَةً حَتَّى أَلْقَاكَ ، ثُمَّ ذَكَرْتُ الْآخِرَةَ فَأَخَافُ أَنْ لَا أَرَاكَ لِأَنَّكَ تُرْفَعُ مَعَ النَّبِيِّينَ ، وَإِنِّي إِنْ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ كُنْتُ فِي مَنْزِلَةٍ أَدْنَى مِنْ مَنْزِلَتِكَ ، وَإِنْ لَمْ أَدْخُلِ الْجَنَّةَ لَا أَرَاكَ أَبَدًا ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمُلَيْحِيُّ ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَخْلَدِيُّ ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ ، أَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعْدٍ ، أَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أُنْسٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ الرَّجُلُ يُحِبُّ قَوْمًا وَلَمَّا يَلْحَقْ بِهِمْ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ " .
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ وَأَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَوِيُّ قَالَا أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ ، أَنَا أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الْمَرْوَزِيُّ ، أَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ : " وَمَا أَعْدَدْتَ لَهَا " ؟ قَالَ : فَلَمْ يَذْكُرْ كَثِيرًا ، إِلَّا أَنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَالَ : " فَأَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ " .
حب الله ورسوله عليه الصلاة والسلام هوالطاعة والإتباع.يقول سبحانه وتعالى:"قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ" [أل عمران 32].
ويقول أيضا:"وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً" [النساء 64].
وقال سبحانه:"قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" [أل عمران 31].
الإيمان مرتبط بحب الله.قال ربنا عزوجل:"وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ" [البقرة 165] .
وقال:"وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ" [الحجرات 7].
ربط الله سبحانه وتعالى الإيمان بالحب لأنه قد يكون في القلب إيمان لكن بدون حب.
لأن الإيمان لغة هو التصديق،أما الإيمان المطلوب هوذاك المُزَيَّنُ بالحب.
من الناس من يتكلم عن حب الله ورسوله عليه أزكى الصلاة والسلام دون برهان
كلام فقط دون عمل.
قال الغزالي (الإحياء ج 4 ص 282): "لا ينبغي أن يَغْتَرّ الإنسان بتلبيس الشيطان وخِدَعِ النفس مهما ادعت محبة الله تعالى ما لم يمتحنها بالعلامات، وما لم يُطالبها بالبراهين والأدلة. والمحبة شجرة طيبة أصلها ثابت، وفرعها في السماء، وثمارُها تظهر في القلب واللسان والجوارح" .
وذكر رحمه الله أدلة على ثبوت محبة الله في قلب العبد، منها "أن يكون مُؤْثرا ما أحبه الله تعالى على ما يحبه في ظاهره وباطنه"، و"أن يكون مستهترا بذكر الله". و"أن يكون أنسُه بالخلوة ومناجاته لله تعالى وتلاوة كتابه"، و"أن لا يتأسف على ما يفوته مما سوى الله عز وجل"، و"أن يتنعم بالطاعة، ولا يستثقلها"، و"أن يكون مُشْفِقاً على جميع عباد الله، رحيما بهم، شديدا على جميع أعداء الله".
قال ابن المبارك رحمه الله تعالى:
تعصي الإِلهَ وأنتَ تُظهر حبَّه هذا لَعمري في القياس بديعُ
لو كان حبُّك صادقاً لأطعتَه إِنَّ المحبَّ لمن يحبُّ مطيعُ
اللهم ٱرزقنا حبك وحب نبيك صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحب من يحبك.
آمين.