لا أحد هنا
لا أحدَ هنا ..
ينتزعُ حرقة لياليّ الباردة ،
يـُـهَـيءُّ مدفأة للحَمام.. لا أحد...
لا أحدَ هنا..
يطرُقُ حجراتِ جنوني
زنزانتـي جدرانُها العتمة
زفراتي جوفاءُ..
لمَنْ زفراتي؟
لا أحد هنا، يمارِسُ طقوسَ التـّعبـّد
في جسدٍ آثم
دنّسَتْه لعنة ُالفراغ
وانبعثت منه رائحةُ الشحوبِ .
لا أحدَ هنا..
يقطرُ عنبا ،
يقتلع آهة َالعطش..
من سَديــمٍ كأنّه الأزلُ .
لا أحدَ هنا..
يَغرِسُ ألوانَه في زرقتـي ،
ينحتُ من ظــلـّي وطنا ،
من أصابعي، نـخـلاً ،
ومن صوتي أغنية .
لا أحدَ هنا ..
يجرحُ غيْمِي ،
يسكُبُ وَجَعي في كوكبٍ آفلٍ .
لا أحدَ يصرُخ فيّ ،
يصهل في ليلي ،
يُشرِعُنـي مرافئ للطوفان .
لا أحدَ هُنا ..
يشكّـلنـي من جديد ،
جسدا منتصبا كالتاريخ ،
يسْكر لذة الريح .
لا أحدَ يؤثث ما خلفتـْه تناقضاتي.
ينثرني نجمَة ،
يزرعنـي عُشبةً خضراء
على نافِذتي .
لا أحدَ يأتي من غياهب الكهف ،
ينحتـنـي وشما ..
فوق شفاهِ اللحظة الآتية .
لا أحدَ هنا..
بقلم / سليمى
السرايري