عـدد مساهـماتـكـ ✿ : 357نــقـــ ــاطـ ✿ : 451تـاريخـ التسـجيلـ ✿ : 25/05/2010عــ ــمركـ ✿ : 32المـوقـــــ ع ✿ : في الجنة ان شاء الله مــزاجــ ـكـ ✿ : غير مرتاح
موضوع: مذكرات جندي في سنوات الإرهاب...بقلمي الأحد 15 أغسطس 2010 - 15:45
كان الجو باردا في تلك الليلة الممطرة المشؤومة عندما سمعنا جهاز الإنذار يدوي في أرجاء الثكنة ...كانت الساعة تشير إلى منتصف الليل ...ماذا يحدث ؟ ..كل الجنود كانو يطرحون نفس السؤال ..الخوف باد على الوجوه المتعبة التي لم ترتح بعد من عملية التمشيط في ذلك اليوم ...الكل يحمل سلاحه ويتوجه نحو ساحة العلم حيث نجتمع عندما يدق جرس الإنذار اجتمع الجميع في ساحة العلم ...الكل في مكانه...سارجانات ..كابرانات ...جنود..ينتظرون الكابيتان ليخبرهم بالأمر...خرج الكابيتان وهو يضع قبعته القماشية على كتفه ...نجوم ونياشين تنبئك بعظمة منصب هذا الرجل..ما إن وصل حتى وقف الجميع وقفة استعداد لحضرة الكابيتان مع تحية العسكري المعروفة...نظر الكابيتان إلى الجنود قائلا : لقد تعرضت القرية المحاذية للوادي الكبير إلى هجوم إرهابي وقد تلقينا صيحات الإستغاثة وعليكم الإستعداد للخروج لنجدتهم ...نظر الجنود نحو الكابيتان وكلهم عزم على آداء واجبهم العسكري رغم أن التعب كان باديا على وجوه بعضهم كما أن المهمة ليست سهلة خاصة أن بعض الطرقات التي تؤدي إلي المداشر ملغمة وصعبة المسالك وقد يبغتك الإرهاب في أية لحضة إنطلقنا في شاحنات عسكرية نحو القرية المقصودة ..كان الظلام حالكا وأضواء الشاحنات تكسر الظلام كما كان أزيز محركاتها يكسر هذا الصمت المرعب ..كنا نسير وسط أشجار كثيفة وجبال عالية ووديان مخيفة ...كل الجنود كانو يضعون أيديهم على أسلحتهم وكأنهم يتهيؤون لأي هجوم مباغت...وصلت الشاحنات إلى طريق مسدود..هنا نهاية الطريق وعلينا أن نتابع السير على الأقدم..كان علينا أن نقطع هذا الوادي الكبير حتى نصل إلى القرية المقصودة ..كان السارجان يسدي بنصائحه ..حذاري فقد تفاجؤون بهجوم في أية لحظة ...حذاري من الألغام المزروعو ..كونو حذرين فالمسالك صعبة انطلقنا نعدو ونتعثر من حين لآخر ..كنا لا نسمع سوى صوت (الرونجاس) وهو يقرع فوق الصخور ..كان الموضع مخيفا ..ما إن عبرنا الوادي حتى وجدنا أنفسنا عند مدخل القرية ..ياهول ما رأينا كان الدخان يتصاعد من الأبنية الطوبية المتناثرة ..كان السكان في هول شديد..بكاء صراخ نحيب..توجهنا نحو مسجد القرية ..كان الكل يجري ..يصرخ ..يستغيث..جثث مترامية هنا وهناك ..مصابون ..الأرهاب لم يترك شيئا ..حتى الأطفال..لفت انتباهي طفل مصاب في رأسه وهو يتوسد حجر والدته وهو يهذي ..الإرهاب ..الإرهاب..واصلنا سيرنا ...القائد يسأل بعض السكان..لقد كانو هنا قبل ساعة قتلو بعض السكان...أمرنا القائد بمتابعتهم وتمشيط المنطقة توجهنا نحو المخرج الجنوبي وما إن دخلن الغابة حتى انفجرت قنبلة كانت بجانب الطريق ..لتتوالى الطلقات من كل الاتجاهات..كان القائد يصرخ ..انبطحو ..انبطحو...فانبطحنا وردينا على طلقاتهم ...كانو يهربون في كل الاتجاهات ...رأيت أحدهم ..وصوبت نحوه السلاح وأطلقت النار ..ولم أتذكر إلا ذلك الطفل الجريح وهو يصرخ الإرهاب ..الإرهاب..كان الموقف مرعبا...سكت صوت الرصاص ...تفقدنا أنفسنا لم يكن هناك إلا بعض الإصابات الطفيفة .أردنا ملاحقتهم ولكنهم اختفو وسط الأحراش مخلفين وراءهم بقعا من الدماء ..وتوجهنا إلى الثكنة بعد يوم كان مثل الجحيم في ساعة متأخرة من الفجر لنستيقظ في الصباح لعمل جديد